حتى جرى دمها وماتت ثم أقبل ينزع حليها ويرمي به إلى صدر السميرية ثم نزع الثياب عنها وشق جوفها وجعل يقطعها قطعا ويرمي بها إلى الماء .
وكنا قد قاربنا المدائن وقد مضى أكثر الليل فرأيت منظرا لم أر قط مثله ومت جزعا وقلت الساعة يقتلني لئلا أنم عليه ولم أجد حيلة فاستسلمت وطرح نفسه كالمغشي عليه وجعل يبكي ويقول شفيت نفسي وقتلت نفسي ويلطم ورمى بالعود وجميع ما كان معه من فاكهة وأكل وشراب إلى الماء فطلع الفجر وأضاء وبقي بيننا وبين المدائن نصف فرسخ فطمعت في الحيلة عليه فقلت له يا سيدي قد أصبحنا أفلا تصلي وأردت أن يصعد إلى الشط وانحدر أنا في السميرية وأدعه فقال بلى اطرحني إلى الشط فقدمن السميرية إلى الشط وطرحته فحين صعد من السميرية أذرعا يسيرة إذا سبع قد قفز عليه فتناوله فرأيته والله في فمه كالفأرة في فم التنور فلا أنسى ما ورد على قلبي من السرور بذلك .
فحدرت السفينة فلما تجاوزت المدائن طرحت إلى الشط وجمعت الحلى وخبأته تحت بارية السميرية وتأملت الثياب فغسلت ما أثر الدم فيه وخبأته وانحدرت فما رد وجهي شيء إلى البصرة فنظرت فإذا معي حلى من الف دينار وثياب بعتها بجملة دنانير كثيرة فأقمت بالبصرة أتجر وخفت العود إلى بغداد لئلا يراني ذلك الغلام أو يطالبني بالرجل أو أسال عن الحديث فلما طالت المدة وانقضت السنون وقع لي أن الأمر قد نسي واشتقت إلى بغداد وكانت البضاعة قد نمت وزادت فاشتريت بجميعها تجارة إلى بغداد ودخلت وأنا فيها منذ نحو سنة حتى رأيتني اليوم .
أنبأنا محمد بن عبد الباقي قال أنبأنا علي بن المحسن التنوخي عن أبيه قال