من أهل الدرب قلت نعم قال منذ كم سكنته قلت منذ نشأت وإلي ينسب وأكثره لي فثنى رجله ونزل فقمت إليه وأكرمته فجلس تجاهي يحادثني وقال لي حاجة فقلت قل فقال أتعرف في هذه الناحية إنسانا وافى منذ سنتين شاب من حاله وصفته فوصف الغلام واكترى ها هنا دارا فقلت نعم قال وما كانت قصته وإلى أي شيء انتهى أمره فقلت ومن أنت منه حتى أخبرك قال تخبرني فقلت لا أفعل أو تصدقني فقال أنا أبوه فقصصت عليه القصة على أتم شرح فأجهش بالبكاء وقال مصيبتي أني لا أقدر أن أترحم عليه .
فقدرته يومئ إلى قتل نفسه فقلت لعله ذهب عقله فقتل نفسه فبكى وقال ليس هذا أردت فأين الطفلة فقلت عندي والمتاع فقال تعطيني الطفلة فقلت لا أفعل أو تصدقني فقال تعفيني فقلت أقسم عليك بالله إلا فعلت .
فقال يا أخي مصائب الدنيا كثيرة ومنها أن ابني هذا نشأ فأدبته وعلمته ونشأت له أخت لم يكن ببغداد أحسن منها وكانت أصغر سنا منه فعشقها وعشقته ونحن لا نعلم ثم ظهر أمرهما فزجرتهما وأنكرت عليها وانتهى الأمر إلى أن افترعها فبلغني ذلك فضربته بالمقارع وإياها وكتمت خبرهما لئلا أفضتح ففرقت بينهما وحجرت عليهما وشددت عليهما أمهما مثل تشديدي فكانا يجتمعان على حيلة كالغريبان فبلغنا ذلك فأخرجت الغلام من الدار وقيدت الجارية فكانا على ذلك شهورا كثيرة وكان يخدمني غلام لي كالولد فتمت لولدي علي حيلة به يترسل بينهما حتى أخذوا مني مالا جليلا وقماشا كثيرا وهربوا منذ سنين وعملوا على أخذ ذلك والهرب حيلة طويلة الشرح فلم أقف لهم على خبر وهان على فقد المال لبعدهما فاسترحت منهما إلا أن نفسي كانت تحف إليهما فبلغني أن الغلام في بعض السكك منذ أيام فكبست عليه الدار فصعد إلى السطح فقلت له بالله عليك يا فلان ما فعل ولداي فقد قتلني الشوق إليهما