يعرف شيئا إلا ذكرها وقول الشعر فيها وبلغها ما صار إليه قيس فجزعت أيضا لفراقه وضنيت ضنى شديدا .
أنبأنا محمد بن عبد الباقي قال أنبأنا علي بن المحسن قال أخبرنا ابن حيوية قال أنبأنا محمد بن خلف قال حدثني إسحاق بن محمد قال حدثني أبو معاذ النميري أن مروان بن الحكم استعمل رجلا من قيس على صدقات كعب ابن ربيعة بن عامر وهم قيس والحريش وجعدة فسمع بخبر قيس بن معاذ وهو مجنون بني عامر فأمر أن يؤتى به فأتى به فساءله عن حاله واستنشده فأنشده فأعجب به وقال له الزمني فلك أن أحتال لك في أمر ليلى حتى أجمع بينك وبينها فلازمه وكان يأتيه فيتحدث إليه .
وكان لبني عامر مجتمع يجتمعون فيه في كل سنة وكان الوالي يخرج معهم إلى ذلك المجتمع لئلا يكون بينهم اختلاف فحضر الوقت فقال قيس للوالي أتأذن لي في الخروج معك إلى هذا المجتمع فأذن له .
فلما عزم على الخروج جاءه قوم من رهط قيس فقالوا له إنما سألك الخروج معك ليرى ليلى ويكلمها وقد استعدى عليه بعض أهلها وأهدر لهم السلطان دمه إن أتاهم فلما قالوا له ذلك منعه من الخروج معه وأمر له بقلائص من إبل الصدقة فردها وأبى أن يقبلها وأنشأ يقول .
رددت قلائص القرشي لما ... بدا لي النقض منه للعهود .
سعوا للجمع ذاك وخلفوني ... إلى حزن أعالجه شديد .
فلما علم قيس بن معاذ أنه قد منع وأن لا سبيل إليها ذهب عقله وصار لا يلبس ثوبا إلا خرقه وهام على وجهه عريانا لا يعقل شيئا مما يكلم به ولا يصلي فلما رأى أبوه ما صنع بنفسه خاف عليه التلف فحبسه وقيده فجعل يأكل لحمه ويضرب بنفسه الأرض