فقال الفضل أنت موسوس مدخول عليك في عقلك فقال يا هذا قد أمرت أن تكتب ما يقول كل واحد منا فاكتب ما أقول واعرضه فإن أجبت إليه وإلا فأنت في أوسع العذر .
فدخل الفضل مغضبا فوقف بين يدي الرشيد فقرأ عليه ما كتب فلما فرغ قال يا أمير المؤمنين فيهم واحد مجنون سأل ما أجل مجلس أمير المؤمنين عن التفوه به فقال قل ولا تجزعن فقال قال كذا وكذا فقال اخرج إليه وقل له إذا كان بعد ثلاث فاحضر لننجز لك ما سألت وكن أنت تتولى الاستئذان له ودعا بخادم فقال امض إلى فلانة فقل لها قد حضر رجل سأل كذا وكذا وقد أجبناه إلى ما سأل فكوني على أهبة .
ثم خرج الفضل إلى الفتى فأدى إليه ما قال الرشيد فانصرف فلما كان في اليوم الثالث حضر وعرف الرشيد خبره فقال يلقي له بحيث أرى كرسي من فضة وللجارية كرسي من ذهب وليخرج إليه ثلاثة أرطال فجلس الفتى على الكرسي والجارية بإزائه يحدثها والرشيد يراهما فقال الخادم لم تدخل لتشتوي وتصيف فأخذ رطلا وخر ساجدا وقال إذا شئت أن تغني فغني .
خليلي عوجا بارك الله فيكما ... وإن لم تكن هند بأرضكما قصدا .
وقولا لها ليس الضلال أجازنا ... ولكنما جزنا لنلقاكم عمدا .
غدا يكثر الباكون منا ومنكم ... وتزداد داري من دياركم بعدا .
فغنت ثم شرب الرطل وحادثها ساعة فاستحثه الخادم فأخذ الرطل بيده وقال غني جعلني الله فدك .
تكلم منا في الوجوه عيوننا ... فنحن سكوت والهوى يتكلم .
ونغضب أحيانا ونرضى بطرفنا ... وذلك فيما بيننا ليس يعلم