ثم ثنت وجهها لتنصرف .
فقلت لها يا حبيبتي متى أراك قالت قريبا إن شاء الله .
فعاش الفتى أياما قليلة ثم مات فدفن إلى جانبها .
أخبرنا المبارك بن علي قال أنبأنا علي بن محمد بن العلاف قال أنبأنا عبد الملك بن بشران قال أنبأنا أحمد بن إبراهيم الكندي قال أنبأنا أبو بكر الخرائطي قال حدثنا محمد بن يزيد المبرد قال عن ابن أبي كامل عن إسحاق ابن إبراهيم عن رجاء بن عمرو النخعي قال كان بالكوفة فتى جميل الوجه شديد التعبد والاجتهاد وكان أحد الزهاد فنزل في جوار قوم من النخع فنظر إلى جارية منهن جميلة فهويها وهام بها عقله ونزل بها مثل الذي نزل به .
فأرسل يخطبها من ابيها فأخبره أبوها أنها مسماة لابن عم لها فلما اشتد عليهما ما يقاسيان من ألم الهوى أرسلت إليه الجارية قد بلغني شدة محبتك لي وقد اشتد بلائي بك فإن شئت زرتك وإن شئت سهلت لك أن تأتيني .
فقال للرسول ولا واحدة من هاتين الخلتين إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم أخاف نارا لا يخبو سعيرها ولا يخمد لهبها فلما انصرف الرسول إليها فأبلغها ما قال قالت وأراه مع هذا زاهدا يخاف الله والله ما أحد أحق بهذا من احد وإن العباد فيه لمشتركون .
ثم انخلعت من الدنيا وألقت علائقها خلف ظهرها ولبست المسوح وجعلت تعبد وهي مع ذلك تذوب وتنحل حبا للفتى وأسفا عليه حتى ماتت شوقا إليه فدفنت فكان الفتى يأتي قبرها ويبكي عندها ويدعو لها فغلبته عينه ذات يوم على قبرها فرآها في منامه وكأنها في احسن منظرها فقال كيف أنت وما لقيت بعدي فقالت .
نعم المحبة يا سؤلي محبتكم ... حب يقود إلى خير وإحسان