بعض ما تخيل فعمره ينقص وحرصه يزيد وجسمه يخلق وأمله جديد وحتفه قريب ومطلبه بعيد .
يحرص حرص مقيم ويسير إلى الآخرة سير مجد كأن الدنيا حق اليقين والآخرة ظن من الظنون وفي مثل هذا قيل .
( أتحرص يا ابن آدم حرص باق ... وأنت تمر ويحك كل حين ) .
( وتعمل طول دهرك في ظنون ... وأنت من المنون على يقين ) .
وهذا إذا ذكر الموت أو ذكر به لم يخف أن يقطع عليه مهما من الأغراض قد كان حصله ولا عظيما من الآمال في نفسه قد كان أدركه لأنه لم يصل إليه ولا قدر عليه لكنه يخاف أن يقطعه في المستقبل عن بلوغ أمل يحدث به نفسه ويخدع به حسه وهو يرى فيه يومه كما قد رأى فيه أمسه .
قد ملأ قلبه بتلك الأحاديث المشغلة والأماني المرذلة والوساوس المتلفة قد جعلها ديدنه ودينه وإيمانه ويقينه .
وربما ضاق ذرعه بالدنيا وطال همه فيها من تعذر مراده عليه وقلة تأتيه له فتمنى الموت إذ ذاك ليستريح بزعمه وهذا من جهله بالموت وبما بعد الموت والذي يستريح بالموت غيره والذي يفرح به سواه إنما الفرح من وراء الصراط والراحة بعد المغفرة .
توفيت امرأة كان أصحاب رسول الله A يمازحونها ويضحكون معها فقالت عائشة Bها لقد استراحت فقال رسول الله A إنما يستريح من غفر له ذكره أبو بكر البزار في مسنده .
فلا يزال هذا البائس يتحمل من الدنيا بؤسها ويتلقى نحوسها ويلبس