والأخبار في هذا الباب كثيرة قديما وحديثا فينبغي لمن دخل المقابر أن يتخيل أنه ميت وأنه قد لحق بهم ودخل في معسكرهم وأنه محتاج إلى ما هم إليه محتاجون وراغب فيما هم فيه راغبون فليأت إليهم بما يحب أن يؤتي به إليه وليتحفهم بما يحب أن يتحف به وليتفكر في تغيير أحوالهم وألوانهم وتقطع أبدانهم وتنكر أحوالهم وكيف صاروا بعد الأنس بهم والتسلي بحديثهم إلى النفار من رؤيتهم والوحشة من مشاهدتهم ويتفكر أيضا في انشقاق الأرض وبعثرة القبور وخروج الموتى وقيامهم بمرة واحدة حفاة عراة غرلا مهطعين إلى الداعي مسرعين إلى المنادي .
قال مطرف بن أبي بكر الهذلي كانت عجوز متعبدة في بني عبد قيس وكانت إذا جاء الليل قامت في محرابها فإذا جاء النهار خرجت إلى القبور فعوتبت في كثرة إتيانها إلى القبور فقالت إن القلب إذا قسا وعتا لم يلينه إلا زيارة الموتى والوقوف على رسوم البلى فإني لآتي القبور فأقف عليها وأنظر إليها وأعتبر بها وأتفكر فيها فكأني أنظر إليهم وقد خرجوا من بين أطباقها وانبعثوا من تحت أحجارها فيا لها من نظرة لو أشربها العباد قلوبهم ما أشد نهكتها في الأجسام وأعظم مرارتها في الأنفس .
وأعلم أن قبور الصالحين لا تخلو من بركة وأن زائرها والمسلم عليها والقاريء عندها والداعي لمن فيها لا ينقلب إلا بخير ولا يرجع إلا بأجر وقد يوجد لذلك أمارة ويبدو منها بشارة .
روى أن رسول الله A لما نزل يالمأزمين قال له أصحابه يا رسول الله إنا نجد هاهنا ريح مسك فقال وما يمنعكم وها هنا قبر أبي معاوية وأبو معاوية هو عبادة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي A قتل يوم بدر شهيدا وكان خرج ذلك اليوم ومات هناك شهيدا Bه .
وروى يحيى بن سعيد عن شعبة بن الحجاج قال .
فتن الناس بقبر عبد الله بن غالب كان يوجد ريح المسك منه .
قال مالك بن دينار C ذهبت إلى قبر عبد الله بن غالب Bه فأخذت من ترابه فإذا هو مسك أو كأنه مسك