المغترين والجهلة المخدوعين وما وراءه من السؤال والحساب والثواب والعقاب والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ولعلك تظن بقولي هذا وبالجملة فالموت طريق نجاة يركبها المؤمنون الكلام إلى آخره إني إنما أردت بذلك تهوين الموت وتسهيل كربه وتحقير خطبه والازدراء بشأنه وقلة المبالاة به كلا ومن كتبه على البشر وجعله عبرة من العبر وإحدى آياته الكبر ما قلت ذلك لهذا وإنما قلته للحالة التي يؤول المؤمنون إليها ويقيمون عليها ويكرمون بها ويخلدون فيها فذلك يهون الموت وما هو أعظم من الموت بل الإقامة في سكراته وتجرع مراراته آلافا من السنين وأضعاف ما تعده مئين .
وإلا فالموت هو الخطب الأفظع والأمر الأشنع والكأس التي طعمها أكره وأبشع وإنه الحادث الهادم للذات والأقطع للراحات والأجلب للكريهات .
وإن أمرا يقطع أوصالك ويفرق أعضاءك ويفتت أعضادك ويهد أركانك لهو الأمر العظيم والخطب الجسيم وإن يومه لهو اليوم العقيم .
وما ظنك رحمك الله بنازل ينزل بك فيذهب رونقك وبهاءك ويغير منظرك ورواءك ويمحو صورة جمالك ويمنع من اجتماعك واتصالك ويردك بعد النعمة والنضرة والسطوة والقدرة والنخوة والعزة إلى حالة يبادر فيها أحب الناس لك وأرحمهم بك وأعطفهم عليك فيقذفك في حفرة من الأرض قريبة أنحاؤها مظلمة أرجاؤها محكم عليك حجرها وصيدانها متحكم فيك هوامها وديدانها .
ثم بعد ذلك يتمكن منك الإعدام وتختلط بالرغام وتصير ترابا تطؤه الأقدام