الباب الثالث .
في الجنائز وفضل اتباعها .
ذكر البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله A قال من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقراطين كل قيراط مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع قبل الدفن فإنه يرجع بقيراط .
وذكر مسلم عن ثوبان أن رسول الله A قال من صلى على جنازة فله قيراط فإن شهد دفنها فله قيراطان القيراط مثل أحد .
واعلم رحمك الله أن في الجنائز عبرة للمعتبرين وفكرة للمتفكرين وتنبيها للغافلين وإيقاظا للنائمين بينما الإنسان في قيام وقعود ونزول وصعود وخذ هذا ودع هذا وابن هذا واهدم هذا وقد كان وما كان وأين ذهب فلان ومن أين جاء فلان إذ جاءه أمر إلهي وحادث سماوي وحكم رباني فسكن حركته وأطفأ شعلته وأذهب نضرته وتركه كالخشبة الملقاة والحجر المرمي إن صيح به لم يسمع وإن دعي لم يجب وإن قطع أو أحرق لم يتكلم إن ربك على ما يشاء قدير .
ولكن حب الدنيا وحجاب الهوى الذي غطى القلوب وأعشى البصائر يمنع الفكرة في الجنائز والاعتبار بها فصارت لا تزيد رؤيتها إلا غفلة ولا مشاهدتها إلا قسوة حتى كأن الميت إنما هو نائم يستيقظ بعد ساعة ويهب عن