لراحة مسلم من غير أن يكون لك منه مضرة وإلى هذا أشار القرآن بقول إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وهذا الفرح شماته والحسد والشماتة يتلازمان وقال تعالى ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم فأخبر تعالى أن حبهم زوال نعمة الإيمان حسد وقال D ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء وذكر الله تعالى حسد إخوة يوسف عليه السلام وعبر عما في قلوبهم بقوله تعالى إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم فلما كرهوا حب أبيهم له وساءهم ذلك وأحبوا زواله عنه غيبوه عنه وقال تعالى ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا أي لا تضيق صدورهم به ولا يغتمون فأثنى عليهم بعدم الحسد وقال تعالى في معرض الإنكار أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله وقال تعالى كان الناس أمة واحدة إلى قوله إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم قيل في التفسير حسدا وقال تعالى وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم فأنزل الله العلم ليجمعهم ويؤلف بينهم على طاعته وأمرهم أن يتألفوا بالعلم فتحاسدوا واختلفوا إذ أراد كل واحد منهم أن ينفرد بالرياسة وقبول القول فرد بعضهم على بعض قال ابن عباس كانت اليهود قبل أن يبعث النبي A إذا قاتلوا قوما قالوا نسألك بالنبي الذي وعدتنا أن ترسله وبالكتاب الذي تنزله إلا ما نصرتنا // حديث ابن عباس قوله كانت اليهود قبل أن يبعث النبي A إذا قاتلوا قوما قالوا نسألك بالنبي الذي وعدتنا أن ترسله الحديث في نزول قوله تعالى وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا أخرجه ابن إسحاق في السيرة فيما بلغه عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن اليهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله A فذكره نحوه وهو منقطع // فكانوا ينصرون فلما جاء النبي A من ولد إسماعيل عليه السلام عرفوه وكفروا به بعد معرفتهم إياه فقال تعالى وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به إلى قوله أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أي حسدا وقالت صفية بنت حيي للنبي A جاء أبي وعمي من عندك يوما فقال أبي لعمي ما تقول فيه قال أقول إنه النبي الذي بشر به موسى قال فما ترى قال أرى معاداته أيام الحياة // حديث قالت صفية بن حيي للنبي A جاء أبي وعمي من عندك يوما فقال أبي لعمي ما تقول فيه قال أقول إنه النبي الذي بشر به موسى الحديث أخرجه ابن إسحاق في السيرة قال حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال حديث عن صفية فذكره نحوه وهو منقطع أيضا // فهذا حكم الحسد في التحريم .
وأما المنافسة فليست بحرام بل هي إما واجبة وإما مندوبة وإما مباحة وقد يستعمل لفظ الحسد بدل المنافسة والمنافسة بدل الحسد قال قثم بن العباس لما أراد هو والفضل أن يأتيا النبي A فيسألاه أن يؤمرهما على الصدقة قالا لعلي حين قال لهما لا تذهبا إليه فإنه لا يؤمركما عليها فقالا له ما هذا منك إلا نفاسة والله لقد زوجك ابنته فما نفسنا ذلك عليك // حديث قال قثم بن العباس لما أراد هو والفضل أن يأتيا النبي A فيسألانه أن يأمرهما على الصدقة قالا لعلي الحديث هكذا وقع للمصنف أنه قثم والفضل وإنما هو الفضل والمطلب ابن ربيعة كما رواه مسلم من حديث المطلب بن ربيعة ابن الحارث قال اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب فقالا والله لو بعثنا هذين الغلامين قال لي وللفضل بن عباس ائتيا إلى رسول الله A فكلماه فذكر الحديث // أي هذا منك حسد وما حسدناك على تزويجه إياك فاطمة .
والمنافسة في اللغة مشتقة من النفاسة والذي يدل على إباحة المنافسة قوله تعالى وفي ذلك فليتنافس المتنافسون وقال تعالى سابقوا إلى مغفرة من ربكم وإنما المسابقة عند خوف الفوت وهو كالعبدين ينسابقان الي خدمة مولاهما إذ يجزع كل واحد أن يسبقه صاحبه فيحظى عند مولاه بمنزلة لا يحظى هو بها