لعن فاسق بعينه غير جائز وعلى الجملة ففي لعن الأشخاص خطر فليجتنب ولا خطر في السكوت عن لعن إبليس مثلا فضلا عن غيره .
فإن قيل هل يجوز لعن يزيد لأنه قاتل الحسين أو آمر به قلنا هذا لم يثبت أصلا فلا يجوز أن يقال إنه قتله أو أمر به ما لم يثبت فضلا عن اللعنة لأنه لا تجوز نسبة مسلم إلى كبيرة من غير تحقيق نعم يجوز أن يقال قتل ابن ملجم عليا وقتل أبو لؤلؤة عمر Bهما فإن ذلك ثبت متواترا فلا يجوز أن يرمى مسلم بفسق أو كفر من غير تحقيق قال A لا يرمى رجل رجلا بالكفر ولا يرميه بالفسق إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك // حديث لا يرمي رجل رجلا بالكفر ولا يرميه بالفسق إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك متفق عليه والسياق للبخاري من حديث أبي ذر مع تقديم ذكر الفسق // .
وقال A ما شهد رجل على رجل بالكفر إلا باء به أحدهما إن كان كافرا فهو كما قال وإن لم يكن كافرا فقد كفر بتكفيره إياه // حديث ما شهد رجل على رجل بالكفر إلا أتى أحدهما إن كان كافرا فهو كما قال وإن لم يكن كافرا فقد كفر بتكفيره إياه أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي سعيد بسند ضعيف // وهذا معناه أن يكفره وهو يعلم أنه مسلم فإن ظن أنه كافر ببدعة أو غيرها كان مخطئا لا كافرا وقال معاذ قال لي رسول الله A أنهاك أن تشتم مسلما أو تعصي إماما عادلا والتعرض للأموات أشد // حديث معاذ أنهاك أن تشتم مسلما أو تعصي إماما عادلا أخرجه أبو نعيم في الحلية في أثناء حديث له طويل // قال مسروق دخلت على عائشة Bها فقالت ما فعل فلان لعنه الله قلت توفي قالت C قلت وكيف هذا قالت قال رسول الله A لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا // حديث عائشة لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا أخرجه البخاري وذكر المصنف في أوله قصة لعائشة وهو عند ابن المبارك في الزهد والرقائق مع القصة // وقال A لا تسبوا الأموات فتؤذوا به الأحياء // حديث لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء أخرجه الترمذي من حديث المغيرة بن شعبة ورجاله ثقات إلا أن بعضهم أدخل بين المغيرة وبين زياد بن علاقة رجل لم يسم // وقال A أيها الناس احفظوني في أصحابي وإخواني وأصهاري ولا تسبوهم أيها الناس إذا مات الميت فاذكروا منه خيرا // حديث أيها الناس احفظوني في أصحابي وأخواني وأصهاري ولا تسبوهم أيها الناس إذا مات الميت فاذكروا منه خيرا أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث عياض الأنصاري احفظوني في أصحابي وأصهاري وإسناده ضعيف وللشيخين من حديث أبي سعيد وأبي هريرة لا تسبوا أصحابي ولأبي داود والترمذي وقال غريب من حديث ابن عمر اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم وللنسائي من حديث عائشة لا تذكروا موتاكم إلا بخير وإسناده جيد // .
فإن قيل فهل يجوز أن يقال قاتل الحسين لعنه الله أو الآمر بقتله لعنه الله قلنا الصواب أن يقال قاتل الحسين إن مات قبل التوبة لعنه الله لأنه يحتمل أن يموت بعد التوبة فإن وحشيا قاتل حمزة عم رسول الله قتله وهو كافر ثم تاب عن الكفر والقتل جميعا ولا يجوز أن يعلن والقتل كبيرة ولا تنتهي إلى رتبة الكفر فإذا لم يقيد بالتوبة وأطلق كان فيه خطر وليس في السكوت خطر فهو أولى .
وإنما أوردنا هذا لتهاون الناس باللعنة وإطلاق اللسان بها والمؤمن ليس بلعان فلا ينبغي أن يطلق اللسان باللعنة إلا على من مات على الكفر أو على الأجناس المعروفين بأوصافهم دون الأشخاص المعينين فالاشتغال