الرجال إلى الله الألد الخصم // حديث عائشة إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم أخرجه البخاري وقد تقدم // وقال أبو هريرة قال رسول الله A من جادل في خصومة بغير علم لم يزل في سخط الله حتى ينزع // حديث أبي هريرة من جادل في خصومة بغير علم لم يزل في سخط الله حتى ينزع أخرجه ابن أبي الدنيا والأصفهاني في الترغيب والترهيب وفيه رجاء أبو يحيى ضعفه الجمهور // وقال بعضهم إياك والخصومة فإنها تمحق الدين ويقال ما خاصم ورع قط في الدين وقال ابن قتيبة مر بي بشر بن عبد الله بن أبي بكرة فقال ما يجلسك ههنا قلت خصومة بيني وبين ابن عم لي فقال إن لأبيك عندي يدا وإني أريد أن أجزيك بها وإني والله ما رأيت شيئا أذهب للدين ولا أنقص للمروءة ولا أضيع للذة ولا أشغل للقلب من الخصومة قال فقمت لأنصرف فقال لي خصمي مالك قلت لا أخاصمك قال إنك عرفت أن الحق لي قلت لا ولكن أكرم نفسي عن هذا قال فإني لا أطلب منك شيئا هو لك .
فإن قلت فإذا كان للإنسان حق فلا بد له من الخصومة في طلبه أو في حفظه مهما ظلمه ظالم فكيف يكون حكمه وكيف تذم خصومته فاعلم أن هذا الذم يتناول الذي يخاصم بالباطل والذي يخاصم بغير علم مثل وكيل القاضي فإنه قبل أن يتعرف أن الحق في أي جانب هو يتوكل في الخصومة من أي جانب كان فيخاصم بغير علم ويتناول الذي يطلب حقه ولكنه لا يقتصر على قدر الحاجة بل يظهر اللدد في الخصومة على قصد التسلط أو على قصد الإيذاء ويتناول الذي يمزج بالخصومة كلمات مؤذية ليس يحتاج إليها في نصرة الحجة وإظهار الحق ويتناول الذي يحمله على الخصومة محض العناد لقهر الخصم وكسره مع أنه قد يستحقر ذلك القدر من المال وفي الناس من يصرح به ويقول إنما قصدي عناده وكسر عرضه وإني إن أخذت منه هذا المال ربما رميت به في بئر ولا أبالي وهذا مقصوده اللدد والخصومة واللجاج وهو مذموم جدا فأما المظلوم الذي ينصر حجته بطريق الشرع من غير لدد وإسراف وزيادة لجاج على قدر الحاجة ومن غير قصد عناد وإيذاء ففعله ليس بحرام ولكن الأولى تركه ما وجد إليه سبيلا فإن ضبط اللسان في الخصومة على حد الاعتدال متعذر والخصومة توغر الصدر وتهيج الغضب وإذا هاج الغضب نسي المتنازع فيه وبقي الحقد بين المتخاصمين حتى يفرح كل واحد بمساءة صاحبه ويحزن بمسرته ويطلق اللسان في عرضه فمن بدأ بالخصومة فقد تعرض لهذه المحذورات وأقل ما فيه تشويش خاطره حتى إنه في صلاته يشتغل بمحاجة خصمه فلا يبقى الأمر على حد الواجب فالخصومة مبدأ كل شر وكذا المراء والجدال فينبغي أن لا يفتح بابه إلا لضرورة وعند الضرورة ينبغي أن يحفظ اللسان والقلب عن تبعات الخصومة وذلك متعذر جدا فمن اقتصر على الواجب في خصومته سلم من الإثم ولا تذم خصومته إلا أنه إن كان مستغنيا عن الخصومة فيما خاصم فيه لأن عنده ما يكفيه فيكون تاركا للأولى ولا يكون آثما نعم أقل ما يفوته في الخصومة والمراء والجدال طيب الكلام وما ورد فيه من الثواب إذ أقل درجات طيب الكلام إظهار الموافقة ولا خشونة في الكلام أعظم من الطعن والاعتراض الذي حاصله إما تجهيل وإما تكذيب فإن من جادل غيره أو ماراه أو خاصمه فقد جهله أو كذبه فيفوت به طيب الكلام .
وقد قال A يمكنكم من الجنة طيب الكلام وإطعام الطعام // حديث يمكنكم من الجنة طيب الكلام وإطعام الطعام أخرجه الطبراني من حديث جابر وفيه من لا أعرفه وله من حديث هانيء أبي شريح بإسناد جيد يوجب الجنة إطعام الطعام وحسن الكلام //