أيضا تحت الاختيار وهما المرادان بقوله A A عفى عن أمتي ما حدثت به نفوسها فحديث النفس عبارة عن الخواطر التي تهجس في النفس ولا يتبعها عزم على الفعل فأما الهم والعزم فلا يسمى حديث النفس بل حديث النفس كما روي عن عثمان بن مظعون حيث قال للنبي A يا رسول الله نفسي تحدثني أن أطلق خولة قال مهلا إن من سنتي النكاح قال نفسي تحدثني أن أجب نفسي قال مهلا خصاء أمتي دءوب الصيام قال نفسي تحدثني أن أترهب قال مهلا رهبانية أمتي الجهاد والحج قال نفسي تحدثني أن أترك اللحم قال مهلا فإني أحبه ولو أصبته لأكلته ولو سألت الله لأطعمنيه // حديث إن عثمان بن مظعون قال يا رسول الله نفسي تحدثني أن أطلق خولة قال مهلا إن من سنتي النكاح الحديث أخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول من رواية علي بن زيد عن سعيد بن المسيب مرسلا نحوه وفيه القاسم بن عبيد الله العمري كذبه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وللدارمي من حديث سعد بن أبي وقاص لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان من ترك النساء بعث إليه رسول الله A فقال يا عثمان إني لم أومر بالرهبانة الحديث وفيه من رغب عن سنتي فليس مني وهو عندكم بلفظ رد رسول الله A على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن له لاختصينا وللبغوي والطبراني في معجمي الصحابة بإسناد حسن من حديث عثمان بن مظعون أنه قال يا رسول الله إني رجل تشق علي هذه العزوبة في المغازي فتأذن لي يا رسول الله في الخصاء فأختصي قال لا ولكن عليك يا ابن مظعون بالصيام فإنه مجفرة ولأحمد والطبراني بإسناد جيد من حديث عبد الله بن عمرو خصاء أمتي الصيام والقيام وله من حديث سعيد بن العاص بإسناد فيه ضعف إن عثمان بن مظعون قال يا رسول الله ائذن لي في الاختصاء فقال له رسول الله A إن الله قد أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة والتكبير على كل شرف الحديث وابن ماجه بسند ضعيف من حديث عائشة النكاح من سنتي ولأحمد وأبي يعلى من حديث أنس لكل نبي وقال أبو يعلى لكل أمة رهبانية ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله وفيه زيد العمى وهو ضعيف ولأبي داود من حديث أبي أمامة إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله وإسناده جيد فهذه الخواطر التي ليس معها عزم على الفعل هي حديث النفس ولذلك شاور رسول الله A إذ لم يكن معه عزم وهم بالفعل .
وأما الثالث وهو الاعتقاد وحكم القلب بأنه ينبغي أن يفعل فهذا تردد بين أن يكون اضطرارا أو اختيارا والأحوال تختلف فيه فالاختياري منه يؤاخذ به والاضطراري لا يؤاخذ به .
وأما الرابع وهو الهم بالفعل فإنه مؤاخذ به إلا أنه إن لم يفعل نظر فإن كان قد تركه خوفا من الله تعالى وندما على همه كتبت له حسنة لأن همه سيئة وامتناعه ومجاهدته نفسه حسنة والهم على وفق الطبع مما يدل على تمام الغفلة عن الله تعالى والامتناع بالمجاهدة على خلاف الطبع يحتاج إلى قوة عظيمة فجده في مخالفة الطبع هو العمل لله تعالى والعمل لله تعالى أشد من جده في موافقة الشيطان بموافقة الطبع فكتب له حسنة لأنه رجح جده في الامتناع وهمه به على همه بالفعل وإن تعوق الفعل بعائق أو تركه بعذر لا خوفا من الله تعالى كتبت عليه سيئة فإن همه فعل من القلب اختياري .
والدليل على هذا التفصيل ما روى في الصحيح مفصلا في لفظ الحديث قال رسول الله A قالت الملائكة عليهم السلام رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به فقال ارقبوه فإن هو عملها فاكتبوها له بمثلها وإن تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها من جرائي // حديث قالت الملائكة رب ذاك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر الحديث قال المصنف إنه في الصحيح وهو كما قال في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة // وحيث قال فإن لم يعملها أراد به تركها لله فأما إذا عزم على فاحشة فتعذرت عليه بسبب أو غفلة فكيف تكتب له حسنة وقد قال A إنما يحشر الناس على نياتهم // حديث إنما يحشر الناس على نياتهم أخرجه ابن ماجة من حديث جابر دون قوله إنما وله من حديث أبي هريرة إنما يبعث الناس على نياتهم وإسنادهما حسن ومسلم من حديث عائشة يبعثهم الله على نياتهم وله من حديث أم سلمة يبعثون على نياتهم ونحن نعلم أن من عزم ليلا على أن يصبح ليقتل مسلما أو يزني بامرأة فمات تلك