مذمومة إلا وهي سلاح الشيطان ومدخل من مداخله .
فإن قلت فما العلاج في دفع الشيطان وهل يكفي في ذلك ذكر الله تعالى وقول الإنسان لا حول ولا قوة إلا بالله فاعلم أن علاج القلب في ذلك سد هذه المداخل بتطهير القلب من هذه الصفات المذمومة وذلك مما يطول ذكره وغرضنا في هذا الربع من الكتاب بيان علاج الصفات المهلكات وتحتاج كل صفة إلى كتاب منفرد على ما سيأتي شرحه نعم إذا قطعت من القلب أصول هذه الصفات كان للشيطان بالقلب اجتيازات وخطرات ولم يكن له استقرار ويمنعه من الاجتياز ذكر الله تعالى لأن حقيقة الذكر لا تتمكن من القلب إلا بعد عمارة القلب بالتقوى وتطهيره من الصفات المذمومة وإلا فيكون الذكر حديث نفس لا سلطان له على القلب فلا يدفع سلطان الشيطان ولذلك قال الله تعالى إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون خصص بذلك المتقى فمثل الشيطان كمثل كلب جائع يقرب منك فإن لم يكن بين يديك خبز أو لحم فإنه ينزجر بأن تقول له اخسأ فمجرد الصوت يدفعه فإن كان بين يديك لحم وهو جائع فإنه يهجم على اللحم ولا يندفع بمجرد الكلام فالقلب الخالي عن قوت الشيطان ينزجر عنه بمجرد الذكر فأما الشهوة إذا غلبت على القلب دفعت حقيقة الذكر إلى حواشي القلب فلم يتمكن من سويدائه فيستقر الشيطان في سويداء القلب وأما قلوب المتقين الخالية من الهوى والصفات المذمومة فإنه يطرقها الشيطان لا للشهوات بل لخلوها بالغفلة عن الذكر فإذا عاد إلى الذكر خنس الشيطان ودليل ذلك قوله تعالى فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم وسائر الأخبار والآيات الواردة في الذكر .
قال أبو هريرة التقى شيطان المؤمن وشيطان الكافر فإذا شيطان الكافر دهين سمين كاس وشيطان المؤمن مهزول أشعث أغبر عار فقال شيطان الكافر لشيطان المؤمن مالك مهزول قال أنا مع رجل إذا أكل سمى الله فأظل جائعا وإذا شرب سمى الله فأظل عطشانا وإذا لبس سمى الله فأظل عريانا وإذا أدهن سمى الله فأظل شعثا فقال لكني مع رجل لا يفعل شيئا من ذلك فأنا أشاركه في طعامه وشرابه ولباسه وكان محمد بن واسع يقول كل يوم بعد صلاة الصبح اللهم إنك سلطت علينا عدوا بصيرا بعيوبنا يرانا هو وقبيله من حيث لا نراهم اللهم فآيسه منا كما آيسته من رحمتك وقنطه منا كما قنطته من عفوك وباعد بيننا وبينه كما باعدت بينه وبين رحمتك إنك على كل شيء قدير قال فتمثل له إبليس يوما في طريق المسجد فقال له يا ابن واسع هل تعرفني قال ومن أنت قال أنا إبليس فقال وما تريد قال أريد أن لا تعلم أحد هذه الاستعاذة ولا أتعرض لك قال والله لا أمنعها ممن أراد فاصنع ما شئت وعن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال كان شيطان يأتي النبي A بيده شعلة من نار فيقوم بين يديه وهو يصلي فيقرأ ويتعوذ فلا يذهب فأتاه جبرائيل عليه السلام فقال له قل أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ومن فتن الليل والنهار ومن طوارق الليل والنهار إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن فقال ذلك فطفئت شعلته وخر على وجهه // حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى كان الشيطان يأتي النبي A بيده شعلة من نار الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان هكذا مرسلا ولمالك في الموطأ نحوه عن يحيى بن سعيد مرسلا ووصله ابن عبد البر في التمهيد من رواية يحيى ابن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عياش الشامي عن ابن مسعود ورواه أحمد والبزار من حديث عبد الرحمن بن حبيش وقيل له كيف صنع رسول الله A ليلة كادته الشياطين فذكر نحوه // وقال الحسن نبئت أن جبرائيل عليه السلام أتى النبي A فقال إن عفريتا من الجن يكيدك فإذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي // حديث الحسن نبئت أن جبريل أتى النبي A فقال إن عفريتا من الجن يكيدك الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان هكذا مرسلا وقال A أتاني الشيطان فنازعني ثم نازعني فأخذت