وليس معنى التوكل التباعد عن الأسباب بالكلية ولو كان كذلك لبطل التوكل بطلب الدلو والحبل ونزع الماء من البئر ولوجب أن يصبر حتى يسخر الله له ملكا أو شخصا آخر حتى يصب الماء في فيه .
فإن كان حفظ الدلو والحبل لا يقدح في التوكل وهو آلة الوصول إلى المشروب فحمل عين المطعوم والمشروب حيث لا ينتظر له وجود أولى بأن لا يقدح فيه .
وستأتي حقيقة التوكل في موضعها فإنه يلتبس إلا على المحققين من علماء الدين .
وأما زاد الآخرة فهو العلم الذي يحتاج إليه في طهارته وصومه وصلاته وعبادته فلا بد وأن يتزود منه إذ السفر تارة يخفف عنه أمورا فيحتاج إلى معرفة القدر الذي يخففه السفر كالقصر والجمع والفطر وتارة يشدد عليه أمورا كان مستغنيا عنها في الحضر كالعلم بالقبلة وأوقات الصلوات فإنه في البلد يكتفي بغيره من محاريب المساجد وأذان المؤذنين وفي السفر قد يحتاج إلى أن يتعرف بنفسه .
فإذن ما يفتقر إلى تعلمه ينقسم إلى قسمين القسم الأول العلم برخص السفر .
والسفر يفيد في الطهارة رخصتين مسح الخفين والتيمم وفي صلاة الفرض رخصتين القصر والجمع وفي النفل رخصتين أداؤه على الراحلة وأداؤه ماشيا وفي الصوم رخصة واحدة وهي الفطر فهذه سبع رخص .
الرخصة الأولى المسح على الخفين قال صفوان بن عسال أمرنا رسول الله A إذا كنا مسافرين أو سفر أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن // حديث صفوان بن عسال أمرنا رسول الله A إذا كنا مسافرين أو سفرا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن أخرجه الترمذي وصححه وابن ماجه والنسائي في الكبرى وابن خزيمة وابن حبان // .
فكل من لبس الخف على طهارة مبيحة للصلاة ثم أحدث فله أن يمسح على خفه من وقت حدثه ثلاثة أيام ولياليهن إن كان مسافرا أو يوما وليلة إن كان مقيما ولكن بخمسة شروط .
الأول أن يكون اللبس بعد كمال الطهارة فلو غسل الرجل اليمنى وأدخلها في الخف ثم غسل اليسرى فأدخلها في الخف لم يجز له المسح عند الشافعي C حتى ينزع اليمنى ويعيد لبسه .
الثاني أن يكون الخف قويا يمكن المشي فيه ويجوز المسح على الخف وإن لم يكن منعلا إذ العادة جارية بالتردد فيه في المنازل لأن فيه قوة على الجملة بخلاف جورب الصوفية فإنه لا يجوز المسح عليه وكذا الجرموق الضعيف .
الثالث أن لا يكون في موضع فرض الغسل خرق فإن تخرق بحيث انكشف محل الفرض لم يجز المسح عليه .
وللشافعي قول قديم إنه يجوز ما دام يستمسك على الرجل وهو مذهب مالك Bه .
ولا بأس به لمسيس الحاجة إليه وتعذر الخرز في السفر في كل وقت .
والمداس المنسوج يجوز المسح عليه مهما كان ساترا لا تبدو بشرة القدم من خلاله وكذا المشقوق الذي يرد على محل الشق بشرج لأن الحاجة تمس إلى جميع ذلك فلا يعتبر إلا أن يكون ساتراإلى ما فوق الكعبين كيفما كان .
فأما إذا ستر بعض ظهر القدم وستر الباقي باللفافة لم يجز المسح عليه .
الرابع أن لا ينزع الخف بعد المسح عليه فإن نزع فالأولى له استئناف الوضوء فإن اقتصر على غسل القدمين جاز .
الخامس أن يمسح على الموضع المحاذي لمحل فرض الغسل لا على الساق وأقله ما يسمى مسحا على ظهر القدم