وكان أبو هريرة Bه يقول وهو والي المدينة والحطب على رأسه طرقوا لأميركم .
وكان سيد المرسلين A يشتري الشيء فيحمله إلى بيته بنفسه فيقول له صاحبه أعطني أحمله فيقول صاحب الشيء أحق بحمله // حديث كان يشتري الشيء ويحمله إلى بيته بنفسه فيقول له صاحبه أعطني أحمله فيقول صاحب المتاع أحق بحمله أخرجه أبو يعلى من حديث أبي هريرة بسند ضعيف في حمله السراويل الذي اشتراه // .
وكان الحسن بن علي Bهما يمر بالسؤال وبين أيديهم كسر فيقولون هلم إلى الغداء يا ابن رسول الله فكان ينزل ويجلس على الطريق ويأكل معهم ويركب ويقول إن الله لا يحب المستكبرين الوجه الثاني أن الذي شغل نفسه بطلب رضا الناس عنه وتحسين اعتقادهم فيه مغرور لأنه لو عرف الله حق المعرفة علم أن الخلق لا يغنون عنه من الله شيئا وأن ضرره ونفعه بيد الله ولا نافع ولا ضار سواه وأن من طلب رضا الناس ومحبتهم بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس بل رضا الناس غاية لا تنال فرضا الله أولى بالطلب .
ولذلك قال الشافعي ليونس بن عبد الأعلى والله ما أقول لك إلا نصحا إنه ليس إلى السلامة من الناس من سبيل فانظر ماذا يصلحك فافعله ولذلك قيل .
من راقب الناس مات غما ... وفاز باللذة الجسور .
ونظر سهل إلى رجل من أصحابه فقال له اعمل كذا وكذا لشيء أمره به فقال يا أستاذ لا أقدر عليه لأجل الناس فالتفت إلى أصحابه وقال لا ينال عبد حقيقة من هذا الأمر حتى يكون بأحد وصفين عبد تسقط الناس من عينه فلا يرى في الدنيا إلا خالقه وأن أحدا لا يقدر على أن يضره ولا ينفعه .
وعبد سقطت نفسه عن قلبه فلا يبالي بأي حال يرونه .
وقال الشافعي C ليس من أحد إلا وله محب ومبغض فإذا كان هكذا فكن مع أهل طاعة الله وقيل للحسن يا أبا سعيد إن قوما يحضرون مجلسك ليس بغيتهم إلا تتبع سقطات كلامك وتعنيتك بالسؤال فتبسم وقال للقائل هون على نفسك فإني حدثت نفسي بسكنى الجنان ومجاورة الرحمن فطمعت وما حدثت نفسي بالسلامة من الناس لأني قد علمت أن خالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم لم يسلم منهم .
وقال موسى عليه السلام يا رب احبس عني ألسنة الناس فقال يا موسى هذا شيء لم أصطفه نفسي فكيف أفعله بك وأوحى الله سبحانه وتعالى إلى عزير إن لم تطب نفسا بأني أجعلك علكا في أفواه الماضغين لم أكتبك عندي من المتواضعين .
فإذن من حبس نفسه في البيت ليحسن اعتقادات الناس وأقوالهم فيه فهو في عناء حاضر في الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون فإذن لا تستحب العزلة إلا لمستغرق الأوقات بربه ذكرا وفكرا وعبادة وعلما بحيث لو خالطه الناس لضاعت أوقاته وكثرت آفاته ولتشوشت عليه عباداته .
فهذه غوائل خفية في اختيار العزلة ينبغي أن تتقى فإنها مهلكات في صور منجيات .
الفائدة السابعة التجارب .
فإنها تستفاد من المخالطة للخلق ومجاري أحوالهم .
والعقل الغريزي ليس كافيا في تفهم مصالح الدين والدنيا .
وإنما تفيدها التجربة والممارسة ولا خير في عزلة من لم تحنكه التجارب فالصبي إذا اعتزل بقي غمرا جاهلا بل ينبغي أن يشتغل بالتعلم ويحصل له في مدة التعلم ما يحتاج إليه من التجارب ويكفيه ذلك ويحصل بقية التجارب بسماع الأحوال ولا يحتاج إلى المخالطة .
ومن أهم التجارب أن يجرب نفسه وأخلاقه وصفات باطنه وذلك لا يقدر عليه في الخلوة فإن كل مجرب في الخلاء يسر وكل غضوب أو حقود أو حسود إذا خلا بنفسه لم يترشح منه خبثه وهذه الصفات مهلكات في أنفسها يجب إماطتها وقهرها ولا يكفي تسكينها بالتباعد عما يحركها .
فمثال القلب المشحون