عليه السلام فأخذ بأذن كلب الغنم // حديث مثل الذي يسمع الحكمة ثم لا يحمل منها إلا شر ما يسمع كمثل رجل أتى راعيا فقال يا راعي اجرر لي شاة من غنمك الحديث أخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة بسند ضعيف // .
وكل من ينقل هفوات الأئمة فهذا مثاله أيضا .
ومما يدل على سقوط وقع الشيء عن القلب بسبب تكرره ومشاهدته أن أكثر الناس إذا رأوا مسلما أفطر في نهار رمضان استبعدوا ذلك منه استبعادا يكاد يفضي إلى اعتقادهم كفره وقد يشاهدون من يخرج الصلوات عن أوقاتها ولا تنفر عنه طباعهم كنفرتهم عن تأخير الصوم مع أن صلاة واحدة يقتضي تركها الكفر عند قوم وحز الرقبة عند قوم وترك صوم رمضان كله لا يقتضيه ولا سبب له إلا أن الصلاة تتكرر والتساهل فيها مما يكثر فيسقط وقعها بالمشاهدة عن القلب .
ولذلك لو لبس الفقيه ثوبا من حرير أو خاتما من ذهب أو شرب من إناء فضة استبعدته النفوس واشتد إنكارها وقد يشاهد في مجلس طويل لا يتكلم إلا بما هو اغتياب للناس ولا يستبعد منه ذلك .
والغيبة أشد من الزنا فكيف لا تكون أشد من لبس الحرير ولكن كثرة سماع الغيبة ومشاهدة المغتابين أسقط وقعها عن القلوب وهون على النفس أمرها فتفطن لهذه الدقائق وفر من الناس فرارك من الأسد لأنك لا تشاهد منهم إلا ما يزيد في حرصك على الدنيا وغفلتك عن الآخرة ويهون عليك المعصية ويضعف رغبتك في الطاعة .
فإن وجدت جليسا يذكرك الله رؤيته وسيرته فالزمه ولا تفارقه واغتنمه ولا تستحقره فإنها غنيمة العاقل وضالة المؤمن .
وتحقق أن الجليس الصالح خير من الوحدة وأن الوحدة خير من الجليس السوء .
ومهما فهمت هذه المعاني ولاحظت طبعك والتفت إلى حال من أردت مخالطته لم يخف عليك أن الأولى التباعد بالعزلة أو التقرب إليه بالخلطة .
وإياك أن تحكم مطلقا على العزلة أو الخلطة بأن إحداهما أولى إذ كل مفصل فإطلاق القول فيه بلا أو نعم خلف من القول محض ولا حق في المفصل إلا التفصيل .
الفائدة الثالثة الخلاص من الفتن والخصومات وصيانة الدين والنفس عن .
الخوض فيها والتعرض لأخطارها وقلما تخلو البلاد عن تعصبات وفتن وخصومات فالمعتزل عنهم في سلامة منها .
قال عبد الله بن عمرو بن العاص لما ذكر رسول الله A الفتن ووصفها وقال إذا رأيت الناس مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه قلت فما تأمرني فقال الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر الخاصة ودع عنك أمر العامة // حديث عبد الله بن عمرو بن العاص إذا رأيت الناس مرجت عهودهم وخفت أماناتهم الحديث أخرجه أبو داود والنسائي في اليوم والليلة بإسناد حسن // .
وروى أبو سعيد الخدري أنه A قال يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن من شاهق إلى شاهق // حديث أبي سعيد الخدري يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعاف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن رواه البخاري // .
وروى عبد الله ابن مسعود أنه A قال سيأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من قرية إلى قرية ومن شاهق إلى شاهق ومن جحر إلى جحر كالثعلب الذي يروغ قيل له ومتى ذلك يا رسول الله قال إذا لم تنل المعيشة إلا بمعاصي الله تعالى فإذا كان ذلك الزمان حلت العزوبة قالوا وكيف يا رسول الله وقد أمرتنا بالتزويج قال إذا كان ذلك الزمان كان هلاك الرجل على يد أبويه فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده فإن لم يكن فعلى يدي قرابته قالوا وكيف ذلك يا رسول الله قال يعيرونه بضيق اليد فيتكلف ما لا يطيق حتى يورده ذلك موارد الهلكة // حديث ابن مسعود سيأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من قرية إلى قرية ومن شاهق إلى شاهق تقدم في النكاح // .
وهذا الحديث وإن كان في العزوبة فالعزلة مفهومة منه إذ لا يستغني المتأهل عن