قال عليه السلام إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره // حديث إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره أخرجه أبو داود و الترمذي قال حسن صحيح و الحاكم من حديث المقدام بن معد يكرب // .
وإنما أمر بالإخبار لأن ذلك يوجب زيادة حب فإن عرف أنك تحبه أحبك بالطبع لا محالة فإذا عرفت أنه أيضا يحبك زاد حبك لا محالة فلا يزال الحب يتزايد من الجانبين ويتضاعف .
و التحاب بين المؤمنين مطلوب في الشرع ومحبوب في الذين ولذلك علم فيه الطريق فقال تهادوا تحابوا // حديث تهادوا تحابوا أخرجه البيهقي من حديث أبي هريرة وقد تقدم غير مرة // .
ومن ذلك أن يدعوه بأحب أسمائه إليه في غيبته وحضوره .
قال عمر Bه ثلاث يصفين لك ود أخيك أن تسلم عليه إذا لقيته أولا وتوسع له في المجلس وتدعوه بأحب أسمائه إليه .
ومن ذلك أن تثنى عليه بما تعرف من محاسن أحواله عند من يؤثر هو الثناء عنده فإن ذلك من أعظم الأسباب في جلب المحبة وكذلك الثناء على أولاده وأهله وصنعته وفعله حتى على عقله وخلقه وهيئته وخطه وشعره وتصنيفه وجميع ما يفرح به وذلك من غير كذب وإفراط ولكن تحسين ما يقبل التحسين لا بد منه وآكد من ذلك أن تبلغه ثناء من أثنى عليه مع إظهار الفرح فإن إخفاء ذلك محض الحسد ومن ذلك تشكره على صنيعه في حقك بل على نيته وإن لم يتم ذلك .
قال علي Bه من لم يحمد أخاه على حسن النية لم يحمده على حسن الصنيعة وأعظم من ذلك تأثيرا في جلب المحبة الذب عنه في غيبته مهما قصد بسوء أو تعرض لعرضه بكلام صريح أو تعريض فحق الأخوة التشمير في الحماية و النصرة وتبكيت المتعنت وتغليظ القول عليه و السكوت عن ذلك موغر للصدر ومنفر للقلب وتقصير في حق الأخوة .
وإنما شبه رسول الله A الأخوين باليدين تغسل إحداهما الأخرى لينضر أحدهما الآخر وينوب عنه // حديث تشبيه الأخوين باليدين تقدم في الباب قبله // .
وقد قال رسول الله A المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخدله ولا يثلمه // حديث المسلم أخو المسلم تقدم في أثناء حديث قبله بسبعة أحاديث // .
وهذا من الانثلام و الخذلان فإن إهماله لتمزيق عرضه كإهماله لتمزيق لحمه .
فأخسس بأخ يراك و الكلاب تفترسك وتمزق لحومك وهو ساكت لا تحركه الشفقة و الحمية للدفع عنك وتمزيق الأعراض أشد على النفوس من تمزيق اللحوم ولذلك شبهه الله تعالى بأكل لحوم الميتة فقال أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا و الملك الذي يمثله في المنام ما تطالعه الروح من اللوح المحفوظ بالأمثلة المحسوسة يمثل الغيبة بأكل لحوم الميتة حتى إن من يرى أنه يأكل لحم ميته فإنه يغتاب الناس لأن ذلك الملك في تمثيله يراعى المشاركة و المناسبة بين الشيء وبين مثاله في المعنى الذي يجرى من المثال مجرى الروح لا في ظاهر الصور .
فإذن حماية الأخوة بدفع ذم الأعداء وتعنت المتعنتين واجب في عقد الأخوة .
وقد قال مجاهد لا تذكر أخاك في غيبته إلا كما تحب أن يذكرك في غيبتك .
فإذن لك فيه معياران أحدهما أن تقدر أن الذي قيل فيه لو قيل فيك وكان أخوك حاضرا ما الذي كنت تحب أن يقوله أخوك فيك فينبغي أن تعامل المتعرض لعرضه به .
و الثاني أن تقدر أنه حاضر من وراء جدار يسمع قولك ويظن أنك لا تعرف حضوره فما كان يتحرك في قلبك من النصرة له بمسمع منه ومرأى فينبغي أن يكون في مغيبه كذلك فقد قال بعضهم ما ذكر أخ لي بغيب إلا تصورته جالسا فقلت فيه ما يحب أن يسمعه لو حضر و قال آخر ما ذكر أخ لي إلا تصورت نفسي في صورته فقلت فيه مثل ما أحب أن يقال في .
وهذا من صدق الإسلام وهو أن لا يرى لأخيه إلا ما يراه لنفسه .
وقد نظر أبو الدرداء إلى ثورين يحرثان في فدان فوقف أحدهما يحك جسمه فوقف الآخر فبكى و قال هكذا الإخوان في الله يعملان لله فإذا وقف أحدهما وافقه الآخر .
وبالموافقة يتم الإخلاص ومن لم يكن مخلصا في إخائه فهو منافق .
و الإخلاص استواء الغيب و الشهادة