مسألة المعاملة معهم حرام لأن اكثر ما لهم حرام فما يؤخذ عوضا فهو حرام فإن أدى الثمن من موضع يعلم حله فيبقي النظر فيما سلم إليهم فإن علم إنهم يعصون الله به كبيع الديباج منهم وهو يعلم أنهم يلبسونه فذلك حرام كبيع العنب من الخمار وإنما الخلاف فى الصحة وإن أمكن ذلك وأمكن أن يلبسها نساءه فهو شبهة مكروهه هذا فيما يعصى في عينه من الأموال .
وفي معناه بيع الفرس منهم لا سيما في وقت ركوبهم إلى قتال المسلمين أو جباية أموالهم فإن ذلك إعانة لهم بفرسه وهي محظورة .
فأما بيع الدراهم و الدنانير منهم وما يجري مجراها مما لا يعصى في عينه بل يتوصل بها فهو مكروه لما فيه من إعانتهم على الظلم لأنهم يستعينون على ظلمهم بالأموال و الدواب وسائر الأسباب وهذه الكراهة جارية في الإهداء إليهم وفي العمل لهم من غير أجرة حتى فى تعليمهم وتعليم أولادهم الكناية والترسل والحساب وأما تعليم القرآن فلا يكره إلا من حيث أخذ الأجرة فإن ذلك حرام إلا من وجه يعلم حله ولو انتصب وكيلا لهم يشتري لهم في الأسواق من غير جعل أو أجرة فهو مكروه من حيث الإعانة وإن اشترى لهم ما يعلم أنهم يقصدون به المعصية كالغلام و الديباج للعرش و اللبس و الفرس للركوب إلى الظلم و القتل فذلك حرام .
فمهما ظهر قصد المعصية بالمبتاع حصل التحريم ومهما لم يظهر واحتمل بحكم الحال ودلالتها عليه حصلت الكراهة .
مسألة الأسواق التي بنوها بالمال الحرام تحرم التجارة فيها ولا يجوز سكناها فإن سكنها تاجر واكتسب بطريق شرعي لم يحرم كسبه وكان عاصيا بسكناه وللناس أن يشتروا منهم ولكن لو وجدوا سوقا أخرى فالأولى الشراء منها فإن ذلك إعانة لسكناهم وتكثير لكراء حوانيتهم وكذلك معاملة السوق التي لا خراج لهم عليها أحب من معاملة سوق لهم عليها خراج وقد بالغ قوم حتى تحرزوا من معاملة الفلاحين وأصحاب الأراضي التي لهم عليها الخراج فإنهم ربما يصرفون ما يأخذون إلى الخراج فيحصل به الإعانة وهذا غلو في الدين وحرج على المسلمين فإن الخراج قد عم الأراضي ولا غنى بالناس عن إرتفاق الأرض ولا معنى للمنع منه ولو جاز هذا لحرم على المالك زراعة الأرض حتى لا يطلب خراجها .
وذلك مما يطول ويتداعى إلى حسم باب المعاش .
مسألة معاملة قضاتهم وعمالهم وخدمهم حرام كمعاملتهم بل أشد .
أما القضاة فلأنهم يأخذون من أموالهم الحرام الصريح ويكثرون جمعهم ويغرون الخلق يزنهم فإنهم على زي العلماء ويختلطون بهم ويأخذون من أموالهم والطباع مجبولة على التشبه والاقتداء بذوي الجاه والحشمة .
فهم سبب انقياد الخلق إليهم .
واما الخدم والحشم فأكثر أموالهم من الغصب الصريح ولا يقع في أيديهم مال مصلحة وميراث وجزية ولا وجه حلال حتى تضعف الشبهة باختلاط الحلال بمالهم .
قال طاوس لا اشهد عندهم وان تحققت لأني أخاف تعديهم على من شهدت عليه .
وبالجملة إنما فسدت الرعية بفساد الملوك وفساد الملوك بفساد العلماء فلولا القضاة السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك خوفا من إنكارهم .
ولذلك قال A لا تزال هذه الأمة تحت يد الله وكنفه ما يمالئ قراؤها أمراءها // حديث لا تزال هذه الأمة تحت يد الله وكنفه مالم يمالئ قراؤها أمراءها أخرجه أبو عمرو الداني في كتاب الفتن من رواية الحسن مرسلا ورواه الديلمي في مسند الفردوس من حديث علي وابن عمر بلفظ مالم يعظم أبرارها فجارها ويداهن خيارها شرارها وإسنادهما ضعيف // .
وإنما ذكر القراء لأنهم كانوا هم العلماء وإنما كان علمهم بالقرآن ومعانيه المفهومة بالسنة .
وما وراء ذلك من العلوم فهي محدثة بعدهم .
وقد قال سفيان لا تخالط السلطان ولا من يخالطه .
وقال صاحب القلم وصاحب الدواة وصاحب القرطاس وصاحب الليطة بعضهم شركاء بعض .
وقد صدق فإن رسول الله