في كتاب الأخوة و المتحابين في الله وجه الجمع بين البغض و الحب .
فإن سلم من ذلك كله وهيهات فلا يسلم من فساد يتطرق إلى قلبه فإنه ينظر إلى توسعه في النعمة ويزدري نعم الله عليه ويكون مقتحما نهى رسول الله A حيث قال يا معشر المهاجرين لا تدخلوا على أهل الدنيا فإنها مسخطة للرزق // حديث يا معشر المهاجرين لا تدخلوا على أهل الدنيا فإنها مسخطة للرزق أخرجه الحاكم من حديث عبد الله بن الشخير أقلوا الدخول على الأغنياء فإنه أجدر أن لا تزدروا نعم الله D وقال صحيح الإسناد // .
وهذا مع ما فيه من اقتداء غيره به في الدخول ومن تكثيره سواد الظلمة بنفسه وتجميله إياهم أن كان ممن يتجمل به وكل ذلك إما مكروهات أو محظورات .
دعى سعيد بن المسيب إلى البيعة للوليد وسليمان ابني عبد الملك بن مروان فقال .
لا أبايع اثنين ما اختلف الليل و النهار فإن النبي A نهى عن بيعتين // حديث دعى ابن المسيب إلى البيعة للوليد وسليمان ابني عبد الملك فقال لا أبايع اثنين ما اختلف الليل و النهار فإن رسول الله A نهى عن بيعتين أخرجه أبو نعيم في الحلية بإسناد صحيح من رواية يحيى بن سعيد // .
فقال ادخل من الباب واخرج من الباب الآخر فقال لا و الله لا يتقدى بي أحد من الناس فجلد مائة و ألبس المسوح .
ولا يجوز الدخول عليهم إلا بعذرين أحدهما أن يكون من جهتهم أمر إلزام لا أمر إكرام وعلم انه لو امتنع أوذى أو فسد عليهم طاعة الرعية واضطرب عليهم أمر السياسة فيجب عليه الإجابة لا طاعة لهم بل مراعاة لمصلحة الخلق حتى لا تضطرب الولاية .
و الثاني أن يدخل عليهم في دفع ظلم عن مسلم سواه أو عن نفسه إما بطريق الحسبة أو بطريق التظلم فذلك رخصة بشرط أن لا يكذب ولا يثنى ولا يدع نصيحة يتوقع لها قبولا فهذا حكم الدخول .
الحالة الثانية أن يدخل عليك السلطان الظالم زائرا فجواب السلام لا بد منه .
واما القيام والإكرام له فلا يحرم مقابلة له على إكرامه .
فأنه بإكرام العلم والدين مستحق للإحماد كما انه بالظلم مستحق للأبعاد .
فالإكرام بالإكرام و الجواب بالسلام .
ولكن الأولى أن لا يقوم أن كان معه في خلوة ليظهر له بذلك عز الدين وحقارة الظلم ويظهر غضبه للدين وإعراضه عمن أعرض عن الله فأعرض الله تعالى عنه .
وإن كان الداخل عليه في جمع فمراعاة حشمة أرباب الولايات فيما بين الرعايا مهم فلا بأس بالقيام على هذه النية .
وان علم أن ذلك لا يورث فسادا في الرعية ولا يناله أذى من غضبه فترك الإكرام بالقيام أولى ثم يجب عليه بعد أن وقع اللقاء أن ينصحه فإن كان قارف ما لا يعرف تحريمه وهو يتوقع أن يتركه إذا عرف فليعرفه فذلك واجب .
وأما ذكر تحريم ما يعلم تحريمه من السرف و الظلم فلا فائدة فيه بل عليه أن يخوفه فيما يرتكبه من المعاصي مهما ظن أن التخويف يؤثر فيه .
وعليه أن يرشده إلى طريق المصلحة إن كان يعرف طريقا على وفق الشرع بحيث يحصل بها غرض الظالم من غير معصية ليصده بذلك عن الوصول إلى غرضه بالظلم .
فإذا يجب عليه التعريف في محل جهله و التخويف فيما هو مستجرئ عليه و الإرشاد إلى ما هو غافل عنه مما يغنيه عن الظلم فهذه ثلاثة أمور تلزمه إذا توقع للكلام فيه أثرا وذلك أيضا لازم على كل من اتفق له دخول على السلطان بعذر أو بغير عذر .
وعن محمد بن صالح قال كنت عند حماد بن سلمة وإذا ليس في البيت إلا حصير وهو جالس عليه ومصحف يقرأ فيه وجراب فيه علمه ومطهرة يتوضأ منها فبينا أنا عنده إذ دق داق الباب فإذا هو محمد بن سليمان فأذن له فدخل وجلس بين يديه ثم قال له مالى إذا رأيتك امتلأت منك رعبا قال حماد لأنه قال عليه السلام إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء وان أراد أن يكنز به الكنوز هاب من كل شيء // حديث حماد بن سلمة مرفوعا إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء وإذا أراد أن يكنز به الكنوز هاب من كل شيء هذا معضل وروى أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث واثلة بن الأسقع من خاف الله خوف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله خوفه الله من كل شيء وللعقيلي في الضعفاء نحوه من حديث أبي هريرة وكلاهما منكر // .
ثم عرض عليه أربعين ألف درهم و قال تأخذها وتستعين بها قال ارددها على من ظلمته بها