ما شاء لمن شاء .
وانما النظر في الأموال الضائعة ومال المصالح فلا يجوز صرفه إلا إلى من فيه مصلحة عامة أو هو محتاج إليه عاجز عن الكسب فأما الغني الذي لا مصلحة فيه فلا يجوز صرف مال من بيت المال إليه هذا هو الصحيح وان كان العلماء قد اختلفوا فيه .
وفي كلام عمر Bه ما يدل على أن لكل مسلم حقا في بيت المال لكونه مسلما مكثرا جمع الإسلام ولكنه مع هذا ما كان يقسم المال على المسلمين كافة بل على مخصوصين بصفات .
فإذا ثبت هذا فكل من يتولى أمرا يقوم به تتعدى مصلحته إلى المسلمين ولو اشتغل بالكسب لتعطل عليه ما هو فيه فله في بيت المال حق الكفاية .
ويدخل فيه العلماء كلهم أعنى العلوم التي تتعلق بمصالح الدين من علم الفقه و الحديث و التفسير و القراءة حتى يدخل فيه المعلمون و المؤذنون .
وطلبة هذه العلوم أيضا يدخلون فيه فإنهم إن لم يكفوا لم يتمكنوا من الطلب .
ويدخل فيه العمال وهم الذين ترتبط مصالح الدنيا بأعمالهم وهم الأجناد المرتزقة الذين يحرسون المملكة بالسيوف عن أهل العداوة وأهل البغي وأعداء الإسلام .
ويدخل فيه الكتاب و الحساب و الوكلاء وكل من يحتاج إليه في ترتيب ديوان الخراج أعنى العمال على الأموال الحلال لا على الحرام فإن هذا المال للمصالح .
و المصلحة إما أن تتعلق بالدين أو بالدنيا فبالعلماء حراسة الدين وبالأجناد حراسة الدنيا .
و الدين و الملك توأمان فلا يستغني أحدهما عن الآخر .
و الطبيب وان كان لا يرتبط بعلمه أمر ديني ولكن يرتبط به صحة الجسد و الدين يتبعه فيجوز أن يكون له ولمن يجري مجراه في العلوم المحتاج إليها في مصلحة الأبدان أو مصلحة البلاد إدرار من هذه الأموال ليتفرغوا لمعالجة المسلمين أعنى من يعالج منهم بغير أجرة وليس يشترط في هؤلاء الحاجة بل يجوز أن يعطوا مع من الغنى .
فإن الخلفاء الراشدين كانوا يعطون المهاجرين و الأنصار ولم يعرفوا بالحاجة .
وليس يتقدر أيضا بمقدار بل هو إلى اجتهاد الإمام وله أن يوسع ويغني وله أن يقتصر على الكفاية على ما يقتضيه الحال وسعة المال .
فقد اخذ الحسن عليه السلام من معاوية في دفعة واحدة أربعمائة ألف درهم .
وقد كان عمر Bه يعطي لجماعة اثني عشر ألف درهم نقرة في السنة .
وأثبتت عائشة Bها في هذه الجريدة ولجماعة عشرة آلاف ولجماعة ستة آلاف وهكذا .
فهذا مال هؤلاء فيوزع عليهم حتى لا يبقى منه شيء .
فإن خص واحدا منه بمال كثير فلا بأس .
وكذلك للسلطان أن يخص من هذا المال ذوي الخصائص بالخلع و الجوائز فقد كان يفعل ذلك في السلف ولكن ينبغي أن يلتفت فيه إلى المصلحة .
ومهما خص عالم أو شجاع بصلة كان فيه بعث للناس وتحريض على الاشتغال و التشبه به فهذه فائدة الخلع والصلات وضروب التخصيصات وكل ذلك منوط باجتهاد السلطان .
وإنما النظر في السلاطين الظلمة في شيئين أحدهما أن السلطان الظالم عليه أن يكف عن ولايته وهو إما معزول أو واجب العزل فكيف يجوز أن يأخذ من يده وهو على التحقيق ليس بسلطان والثاني انه ليس يعمم بماله جميع المستحقين فكيف يجوز للآحاد أن يأخذوا أفيجوز لهم الأخذ بقدر حصصهم أم لا يجوز أصلا أم يجوز أن يأخذ كل واحد ما أعطى .
أما الأول : فالذي نراه أنه لا يمنع اخذ الحق لأن السلطان الظالم الجاهل مهما ساعدته الشوكة وعسر خلعه وكان في الاستبدال به فتنة ثائرة لا تطاق وجب تركه ووجبت الطاعة له كما تجب طاعة الأمراء إذ قد ورد في الأمر بطاعة الأمراء // حديث الأمر بطاعة الأمراء أخرجه البخاري من حديث انس اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ولمسلم من حديث أبي هريرة عليك بالطاعة في منشطك ومكرهك الحديث وله من حديث أبي ذر أوصاني النبي A أن أسمع وأطيع ولو لعبد مجدع الأطراف // .
والمنع من سل اليد عن مساعدتهم // حديث المنع من سل اليد عن مساعدتهم أخرجه الشيخان من حديث ابن عباس ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية ولمسلم من حديث أبى هريرة من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية وله من حديث ابن عمر من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة ولا حجة له .
أوامر و زواجر .
فالذي نراه أن الخلافة منعقدة للمتكفل