ذلك بنفسه فإن المقصود الصرف .
وأما عين الصارف فإنما نطلبه لمصارف دقيقة في المصالح فلا يترك اصل الصرف بسبب العجز عن صارف هو أولى عند القدرة عليه .
فإن قيل ما دليل جواز التصدق بما هو حرام وكيف يتصدق بما لا يملك وقد ذهب جماعة إلى أن ذلك غير جائز لانه حرام وحكى عن الفضيل انه وقع في يده درهمان فلما علم أنهما من غير وجههما رماهما بين الحجارة وقال لا أتصدق إلا بالطيب ولا أرضى لغيري مالا أرضاه لنفسي فنقول نعم ذلك له وجه واحتمال وإنما اخترنا خلافه للخبر والأثر و القياس أما الخير فأمر رسول الله A بالتصدق بالشاة المصلية التي قدمت إليه فكلمته بأنها حرام إذ قال A أطعموها الأسارى // حديث أمر رسول الله A بالتصدق بالشاة المصلية التي قدمت بين يديه وكلمته بأنها حرام إذ قال أطعموها الأسارى رواه احمد من حديث رجل من الأنصار قال خرجنا مع رسول الله A في جنازة فلما رجعنا لقينا راعي امرأة من قريش فقال أن فلانة تدعوك ومن معك إلى طعام الحديث وفيه فقال أجد لحم شاة أخذت بغير أذن أهلها وفيه فقال أطعموها الأسارى وإسناده جيد // .
ولما نزل قوله تعالى ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون كذبه المشركون و قالوا للصحابة إلا ترون ما يقول صاحبكم يزعم أن الروم ستغلب فخاطرهم أبو بكر Bه بإذن رسول الله A فلما حقق الله صدقه وجاء أبو بكر Bه بما قامرهم به قال عليه الصلاة و السلام هذا سحت فتصدق به وفرح المؤمنون بنصر الله و كان قد نزل تحريم القمار بعد إذن رسول الله A له في المخاطرة مع الكفار // حديث مخاطرة أبي بكر المشركين بأذنه A لما نزل قوله تعالى آلم غلبت الروم وفيه فقال A هذا سحت فتصدق به أخرجه البيهقي في دلائل النبوة من حديث ابن عباس وليس فيه أن ذلك كان بأذنه A و الحديث عند الترمذي وحسنه و الحاكم وصححه دون قوله أيضا هذا سحت فتصدق به // .
وأما الأثر فإن ابن مسعود Bه اشترى جارية فلم يظفر بمالكها لينقده الثمن فطلبه كثيرا فلم يجده فتصدق بالثمن وقال اللهم هذا عنه إن رضي وإلا فالأجر لي .
وسئل الحسن Bه عن توبة الغال وما يؤخذ منه بعد تفرق الجيش فقال يتصدق به .
وروى أن رجلا سولت له نفسه فغل مائة دينار من الغنيمة ثم أتى اميرة ليردها عليه فأبى أن يقبضها و قال له تفرق الناس فأتى معاوية فأبى أن يقبض فأتى بعض النساك فقال ادفع خمسها إلى معاوية وتصدق بما يبقى فبلغ معاوية قوله فتلهف إذا لم يخطر له ذلك وقد ذهب احمد بن حنبل و الحارس المحاسبى و جماعة من الورعين إلى ذلك .
وأما القياس فهو أن يقال أن هذا المال مردد بين أن يضيع وبين أن يصرف إلى خير إذ قد وقع اليأس من مالكه وبالضرورة يعلم أن صرفه إلى خير أولى من إلقائه في البحر فأنا أن رميناه في البحر فقد فوتناه على أنفسنا وعلى المالك ولم تحصل منه فائدة وإذا رميناه في يد فقير يدعو لمالكه حصل للمالك بركة دعائه وحصل للفقير سد حاجته وحصول الأجر للمالك بغير اختياره في التصدق لا ينبغي أن ينكر فإن في الخبر الصحيح أن للزارع و الغارس أجرا في كل ما يصيبه الناس و الطيور من ثماره وزرعه // حديث أجر الزارع و الغارس في كل ما يصيب الناس والطيور أخرجه البخاري من حديث انس ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة إلا كان له صدقة // .
وذلك بغير اختياره واما قول القائل لا نتصدق إلا بالطيب فذلك إذا طلبنا الأجر لأنفسنا ونحن الآن نطلب الخلاص من المظلمة لا الأجر