مسألة .
إذا وقع في يده مال أخذه من سلطان ظالم ثم تاب و المال عقار و كان قد حصل منه انتفاع فينبغي أن يحسب أجر مثله لطول تلك المدة و كذلك كل مغصوب له منفعة أو حصل منه زيادة فلا تصح توبته مالم يخرج أجرة المغصوب وكذلك كل زيادة حصلت منه وتقدير أجرة العبيد و الثياب والأواني وأمثال ذلك مما لا يعتاد إجارتها مما يعسر ولا يدرك ذلك إلا باجتهاد وتخمين وهكذا كل التقويمات تقع بالاجتهاد و طريق الورع الأخذ بالأقصى وما ربحه على المال المغصوب في عقود عقدها على الذمة و قضى الثمن منه فهو ملك له ولكن فيه شبهة إذ كان ثمنه حراما كما سبق حكمه وان كان بأعيان تلك الأموال فالعقود كانت فاسدة وقد قيل تنفذ بإجازة المغصوب منه للمصلحة فيكون المغصوب منه أولى به والقياس أن تلك العقود تفسخ وتسترد الثمن و ترد الأعواض فإن عجز عنه لكثرته فهي أموال حرام حصلت في يده فللمغصوب منه قدر رأس ماله و الفضل حرام يجب إخراجه لتتصدق به ولا يحل للغاصب ولا للمغصوب منه بل حكمة حكم كل حرام يقع في يده .
مسألة من ورث مالا ولم يدر أن مورثه من أين اكتسبه أمن حلال أم من حرام ولم يكن ثم علامة فهو حلال باتفاق العلماء وان علم أن فيه حراما وشك في قدره أخرج مقدار الحرام بالتحرى فإن لم يعلم ذلك ولكن علم أن مورثه كان يتولى أعمالا للسلاطين واحتمل انه لم يكن ] خذ في عمله شيئا أو كان قد أخذ ولم يبق في يده منه شيء لطول المدة فهذه شبهة يحسن التورع عنها ولا يجب وان علم أن بعض ماله كان من الظلم فيلزمه إخراج ذلك القدر بالاجتهاد و قال بعض العلماء لا يلزمه و الإثم على المورث واستدل بما روى أن رجلا ممن ولى عمل السلطان مات فقال صحابي الآن طاب ماله أي لوارثه وهذا ضعيف لأنه لم يذكر اسم الصحابي ولعله صدر من متساهل فقد كان في الصحابة من يتساهل و لكن لا نذكره لحرمة الصحبة و كيف يكون موت الرجل مبيحا للحرام المتيقن المختلط ومن أين يؤخذ هذا نعم إذا لم يتيقن يجوز أن يقال هو غير مأخوذ بما لا يدري فيطيب لوارث لا يدرى أن فيه حراما يقينا النظر الثاني في المصرف .
فإذا أخرج الحرام فله ثلاثة أحوال .
إما أن يكون له مالك معين فيجب الصرف إليه أو إلى وارثه وان كان غائبا فينتظر حضوره أو الإيصال إليه وإن كانت له زيادة و منفعة فلتجمع فوائده إلى وقت حضوره .
وإما أن يكون لمالك غير معين وقع اليأس من الوقوف على عيبه ولا يدري أنه مات عن وارث أم لا فهذا لا يمكن الرد فيه للمالك ويوقف حتى يتضح الأمر فيه وربما لا يمكن الرد لكثرة الملاك كغلول الغنيمة فإنها بعد تفرق الغزاة كيف يقدر على جمعهم وان قدر فكيف يفرق دينارا واحد مثلا على ألف أو ألفين فهذا ينبغي أن يتصدق به .
وإما من مال الفئ و الأموال المرصدة لمصالح المسلمين كافة فيصرف ذلك إلى القناطر و المساجد والرباطات ومصانع طريق مكة و أمثال هذه الأمور التي يشترك في الانتفاع بها كل من يمر بها من المسلمين ليكون عاما للمسلمين وحكم القسم الأول لا شبهة فيه أما التصدق وبناء القناطر فينبغي أن يتولاه القاضي فيسلم إليه المال إن وجد قاضيا متدينا وان كان القاضى مستحلا فهو بالتسليم إليه ضامن لو ابتدأ به فيما لا يضمنه فكيف يسقط عنه به ضمان قد استقر عليه بل يحكم من أهل البلد عالما متدينا فإن التحكيم أولى من الانفراد فإن عجز فليتول