قول جديد موافق لمذهب أبي حنيفة C أو غيره من الأئمة كان الورع فيه مهما وإن أفتى المفتي بالقول الآخر .
ومن ذلك الورع عن متروك التسمية وإن لم يختلف فيه قول الشافعي C لأن الآية ظاهرة في إيجابها والأخبار متواترة فيه فإنه A قال لكل من سأله عن الصيد إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت عليه اسم الله فكل // حديث إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل متفق عليه من حديث عدي بن حاتم ومن حديث أبي ثعلبة الخشني // .
ونقل ذلك على التكرر وقد شهر الذبح بالبسملة // حديث التسمية على الذبح : متفق عليه من حديث رافع بن خديج ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلواليس السن والظفر // .
وكل ذلك يقوي دليل الاشتراط ولكن لما صح قوله A المؤمن يذبح على اسم الله تعالى سمى أو لم يسم // حديث المؤمن يذبح على اسم الله تعالى سمى أو لم يسم قال المصنف إنه صح قلت : لا يعرف بهذا اللفظ فضلا عن صحته ولأبي داود في المراسيل من رواية الصلت مرفوعا ذبيحة المسلم حلال ذكر اسم الله أو لم يذكر وللطبراني في الأوسط والدارقطني وابن عدي والبيهقي من حديث أبي هريرة قال رجل : يا رسول الله الرجل منا يذبح وينسى أن يسمي الله فقال اسم الله على كل مسلم قال ابن عدي منكر والدارقطني والبيهقي من حديث ابن عباس المسلم يكفيه اسمه فإن نسي أن يسمي حين يذبح فليسم وليذكر اسم الله ثم ليأكل فيه محمد بن سنان ضعفه الجمهور // .
واحتمل أن يكون هذا عاما موجبا لصرف الآية وسائر الأخبار عن ظواهرها ويحتمل أن يخصص هذا بالناسي ويترك الظواهر ولا تأويل وكان حمله على الناس ممكنا تمهيدا لعذره في ترك التسمية بالنسيان وكان تعميمه وتأويل الآية ممكنا إمكانا أقرب رجحنا ذلك ولا ننكر رفع الاحتمال المقابل له فالورع عن مثل هذا مهم واقع في الدرجة الأولى .
الرتبة الثانية وهي مزاحمة لدرجة الوسواس أن يتورع الإنسان عن أكل الجنين الذي يصادف في بطن الحيوان المذبوح وعن الضب .
وقد صح في الصحاح من الأخبار حديث الجنين إن ذكاته ذكاة أمه // حديث ذكاة الجنين ذكاة أمه قال المصنف إنه صح صحة لا يتطرق احتمال إلى متنه ولا ضعف إلى سنده وأخذ هذا من إمام الحرمين فإنه كذا قال في الأساليب والحديث رواه أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن حبان من حديث أبي سعيد والحاكم من حديث أبي هريرة وقال : صحيح الإسناد وليس كذلك للطبراني في الصغير من حديث ابن عمر بسند جيد وقال عبد الحق : لا يحتج بأسانيدها كلها // .
صحة لا يتطرق احتمال إلى متنه ولا ضعف إلى سنده وكذلك صح أنه أكل الضب على مائدة رسول الله A // حديث أكل الضب على مائدة رسول الله A قال المصنف : هو في الصحيحين وهو كما ذكره من حديث ابن عمر وابن عباس وخالد بن الوليد // .
وقد نقل ذلك في الصحيحين .
وأظن أن أبا حنيفة لم تبلغه هذه الأحاديث ولو بلغته لقال بها وإن أنصف وإن لم ينصف منصف فيه كان خلافه غلط لا يعتد به ولا يورث شبهة كما لو لم يخالف وعلم الشيء بخبر الواحد .
الرتبة الثالثة أن لا يشتهر في المسألة خلاف أصلا ولكن يكون الحل معلوما بخبر الواحد فيقول القائل قد اختلف الناس في خبر الواحد فمنهم من لا يقبله فأنا أتورع .
فإن النقلة وإن كانوا عدولا فالغلط جائز عليهم والكذب لغرض خفي جائز عليهم لأن العدل أيضا قد يكذب والوهم جائز عليه فإنه قد يسبق إلى سمعهم خلاف ما يقوله القائل وكذا إلى فهمهم فهذا ورع لم ينقل مثله عن الصحابة فيما كانوا يسمعونه من عدل تسكن نفوسهم إليه .
وأما إذا تطرقت شبهة بسبب خاص ودلالة معينة في حق الراوي فللتوقف وجه ظاهر وإن كان عدلا .
وخلاف من خالف في أخبار الآحاد غير معتد به وهو كخلاف النظام في أصل الإجماع .
وقوله إنه ليس بحجة ولو جاز مثل هذا الورع لكان من الورع أن يمتنع الإنسان من أن يأخذ ميراث الجد أبي الأب ويقول ليس في كتاب الله ذكر إلا للبنين وإلحاق ابن الابن بالابن بإجماع الصحابة وهم غير معصومين والغلط عليهم جائز إذ خالف النظام فيه وهذا هوس ويتداعى إلى أن يترك ما علم بعمومات القرآن إذ من المتكلمين من ذهب إلى أن