عليه السلام عليه السلام عليه السلام ضي الله عنه له كل شىء حتى الحوت فى البحر // حديث إن العالم ليستغفر له كل شىء حتى الحوت فى البحر تقدم فى العلم // وأن الملائكة يلعنون العصاة // حديث إن الملائكة يلعنون العصاة أخرجه مسلم من حديث أبى هريرة الملائكة تلعن أحدكم إذا أشار إلى أخيه بحديدة وإن كان أخاه لأبيه وأمه // فى ألفاظ كثيرة لا يمكن إحصاؤها وكل ذلك إشارة إلى أن العاصيبتطريفة واحدة جنى على جميع ما فى الملك والملكوت وقد أهلك نفسه إلا أن يتبع السيئة بحسنة تمحوها فيتبدل اللعن بالاستغفار فعسى الله أن يتوب عليه ويتجاوز عنه وأوحى الله تعالى إلى أيوب عليه السلام يا أيوب ما من عبد لى من الآدميين إلا ومعه ملكان فإذا شكرنى على نعمائى قال الملكان اللهم زده نعما على نعم فإنك أهل الحمد والشكر فكن من الشاكرين قريبا فكفى بالشاكرين علو رتبة وعندى أنى أشكر شكرهم وملائكتى يدعون لهم والبقاع تحبهم والآثار تبكى عليهم .
وكما عرفت أن فى كل طرفة عين نعما كثيرة فاعلم أن فى كل نفس ينبسط وينقبض نعمتين إذ بانبساطه يخرج الدخان المحترق من القلب ولو لم يخرج لهلك وبانقباضه يجمع روح الهواء إلى القلب ولو سد متنفسه لاحترق قلبه بانقطاع روح الهواء وبرودته عنه وهلك بل اليوم والليلة أربع وعشرون ساعة وفى كل ساعة قريب من ألف نفس وكل نفس قريب من عشر لحظات فعليك فى كل لحظة آلاف آلاف نعمة فى كل جزء من أجزاء بدنك بل فى كل جزء من أجزاء العالم فانظر هل يتصور إحصاء ذلك أم لا ولما انكشف لموسى عليه السلام حقيقة قوله تعالى وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها قال إلهى كيف أشكرك ولك في كل شعرة من جسدى نعمتان أن لينت أصلها وأن طمست رأسها وكذا ورد فى الأثر أن من لم يعرف نعم الله فى مطعمه ومشربه فقد قل علمه وحضر عذابه .
وجميع ما ذكرناه يرجع إلى المطعم والمشرب فاعتبر ما سواه من النعم به فإن البصير لا تقع عينه فى العالم على شىء ولا يلم خاطره بموجود إلا ويتحقق أن لله فيه نعمة عليه فلنترك الاستقصاء والتفصيل فإنه طمع فى غير مطمع .
بيان السبب الصارف للخلق عن الشكر .
اعلم أنه لم يقصر بالخلق عن شكر النعمة إلا الجهل والغفلة فإنهم منعوا بالجهل والغفلة عن معرفة النعم ولا يتصور شكر النعمة إلا بعد معرفتها ثم إنهم إن عرفوا نعمة ظنوا أن الشكر عليها أن يقول بلسانه الحمد لله الشكر لله ولم يعرفوا أن معنى الشكر أن يستعمل النعمة فى إتمام الحكمة التى أريدت بها وهى طاعة الله D فلا يمنع من الشكر بعد حصول هاتين المعرفتين إلا غلبة الشهوة واستيلاء الشيطان .
أما الغفلة عن النعم فلها أسباب وأحد أسبابها أن الناس يجهلهم لا يعدون ما يعم الخلق ويسلم لهم فى جميع أحوالهم نعمة فلذلك لا يشكرون على جملة ما ذكرناه من النعم لأنها عامة للخلق مبذولة لهم فى جميع أحوالهم فلا يرى كل واحد لنفسه منهم اختصاصا به فلا يعده نعمة ولا تراهم يشكرون الله على روح الهواء ولو أخذ بمختنقهم لحظة حتى انقطع الهواء عنهم ماتوا ولو حبسوا فى بيت حمام فيه هواء حار أو فى بئر فيه هواء ثقل برطوبة الماء ماتوا غما فإن ابتلى واحد منهم بشىء من ذلك ثم نجا ربما قدر ذلك نعمة وشكر الله عليها وهذا غاية الجهل إذ صار شكرهم موقوفا على أن تسلب عنهم النعمة ثم ترد عليهم فى بعض الأحوال والنعمة فى جميع الأحوال أولى بأن تشكر فى بعضها فلا ترى البصير يشكر صحة بصره إلا أن تعمى عينيه فعند ذلك لو أعيد عليه بصره