العلماء المنكرين للذنوب ومن مجالسة الصالحين بل يمقته الله تعالى ليمقته الصالحون وحكى عن بعض العارفين أنه كان يمشى فى الوحل جامعا ثيابه محترزا عن زلقة رجله حتى زلقت رجله وسقط فقام وهو يمشى فى وسط الوحل ويبكى ويقول هذا مثل العبد لا يزال يتوقى الذنوب ويجانبها حتى يقع فى ذنب وذنبين فعندها يخوض فى الذنوب خوضا وهو إشارة إلى أن الذنب تتعجل عقوبته بالانجرار الى ذنب آخر ولذلك قال الفضيل ما أنكرت من تغير الزمان وجفاء الإخوان فذنوبك ورثتك ذلك وقال بعضهم إنى لأعرف عقوبة ذنبى فى سوء خلق حمارى وقال آخر أعرف العقوبة حتى فى فأر بيتى وقال بعض صوفية الشام نظرت إلى غلام نصرانى حسن الوجه فوقفت أنظر إليه فمر بى ابن الجلاء الدمشقى فأخذ بيدى فاستحييت منه فقلت يا ابا عبد الله سبحان الله تعجبت من هذه الصورة الحسنة وهذه الصنعة المحكمة كيف خلقت للنار فغمز يدي وقال لتجدن عقوبتها بعد حين قال فعوقبت بها بعد ثلاثين سنة وقال أبو سليمان الدارانى الاحتلام عقوبة وقال لا يفوت أحدا صلاة جماعة إلا بذنب يذنبه وفى الخبر ما أنكرتم من زمانكم فبما غيرتم من أعمالكم // حديث ما أنكرتم من زمانكم فبما أنكرتم من أعمالكم أخرجه البيهقى فى الزهد من حديث أبى الدرداء وقال غريب تفرد به هكذا العقيلي وهو عبد الله بن هانىء قلت هو متهم بالكذب قال ابن أبى حاتم روى عن أبيه أحاديث بواطيل // وفى الخبر يقول الله تعالى إن أدنى ما أصنع بالعبد إذا آثر شهوته على طاعتى أن أحرمه لذيذ مناجاتى // حديث يقول الله إنى أدنى ما أصنع بالعبد إذا آثر شهوته على طاعتى أن أحرمه لذة مناجاتى غريب لم أجده // وحكى عن أبى عمرو بن علوان فى قصة يطول ذكرها قال فيها كنت قائما ذات يوم أصلى فخار قلبى هوى طاولته بفكرتى حتى تولد منه شهوة الرجال فوقعت إلى الأرض واسود جسدى كله فاستترت فى البيت فلم أخرج ثلاثة أيام وكنت أعالج غسله فى الحمام بالصابون فلا يزداد إلا سوادا حتى انكشف بعد ثلاث فلقيت الجنيد وكان قد وجه إلى فأشخصنى من الرقة فلما أتيته قال لى أما استحييت من الله تعالى كنت قائما بين يديه فساررت نفسك بشهوة حتى استولت عليك برقة وأخرجتك من بين يدي الله تعالى فلولا أنى دعوت الله لك وتبت إليه عنك للقيت الله بذلك اللون قال فعجبت كيف علم بذلك وهو ببغداد وأنا بالرقة .
واعلم أنه لا يذنب العبد ذنبا إلا ويسود وجه قلبه فإن كان سعيدا أظهر السواد على ظاهره لينزجر وإن كان شقيا أخفى عنه حتى ينهمك ويستوجب النار والأخبار كثيرة فى آفات الذنوب فى الدنيا من الفقر والمرض وغيره بل من شؤم الذنب فى الدنيا على الجملة أن يكسب ما بعده صفته فإن ابتلى بشىء كان عقوبة له ويحرم جميل الرزق حتى يتضاعف شقاؤه وإن أصابته نعمة كانت استدراجا له ويحرم جميل الشكر حتى يعاقب على كفرانه وأما المطيع فمن بركة طاعته أن تكون كل نعمة فى حقه جزاء على طاعته ويوفق لشكرها وكل بلية كفارة لذنوبه وزيادة فى درجاته .
النوع الرابع ذكر ما ورد من العقوبات على آحاد الذنوب كالخمر والزنا والسرقة والقتل والغيبة والكبر والحسد وكل ذلك مما لا يمكن حصره وذكره مع غير أهله وضع الدواء فى غير موضعه بل ينبغى أن يكون العالم كالطبيب الحاذق فيستدل أولا بالنبض والسحنة ووجود الحركات على العلل الباطنة ويشتغل بعلاجها فيستدل بقرائن الأحوال على خفايا الصفات وليتعرض لما وقف عليه اقتداء برسول الله A حيث قال له واحد أوصنى يا رسول الله ولا تكثر على قال لا تغضب // حديث قال رجل أوصنى ولا تكثر على قال لا تغضب تقدم // وقال له آخر أوصنى يا رسول الله فقال