فرجم فكان الناس فيه فريقين فقائل يقول لقد هلك وأحاطت به خطيئته وقائل يقول ما توبة أصدق من توبته فقال رسول الله Aلقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لو سعتهم // حديث اعتراف ما عز بالزنا ورده A حتى اعترف اربعا وقوله لقد تاب توبة الحديث أخرجه مسلم من حديث بريدة بن الخصيب // وجاءت الغامدية فقالت يا رسول الله إنى قد زنيت فطهرنى فردها فلما كان من الغد قالت يا رسول الله لم تردنى لعلك تريد أن ترددنى كما رددت ما عزا فو الله إنى لحبلى فقال Aأما الآن فاذهبى حتى تضعى فلما ولدت أتت بالصبى فى خرقة فقالت هذا قد ولدته قال اذهبى فأرضعيه حتى تفطميه فلما فطمته أتت بالصبي وفى يده كسرة خبز فقالت يانبى الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبى إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها وأمر الناس فرجموها فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجهه فسبها فسمع رسول الله A سبه إياها فقال مهلا يا خالد فو الذى نفسى بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له ثم أمر بها فصلى عليها ودفت // حديث الغامدية واعترافها بالزنا ورجمها وقوله A لقد تابت توبة الحديث أخرجه مسلم من حديث بريدة وهو بعض الذى قبله // .
وأما القصاص وحد القذف فلا بد من تحليل صاحبه المستحق فيه وإن كان المتناول مالا تناوله بغصب أو خيانة أو غبن فى معاملة بنوع تلبيس كترويج زائف أو ستر عيب من المبيع أو نقص أجرة أجير أو منع اجرته فكل ذلك يجب أن يفتش عنه لا من حد بلوغه بل من أول مدة وجوده فإن ما يجب فى مال الصبى يجب على الصبي إخراجه بعد البلوغ إن كان الولى قد قصر فيه فإن لم يفعل كان ظالما مطالبا به إذ يستوى فى الحقوق المالية الصبي والبالغ وليحاسب نفسه على الحبات والدوانق من أول يوم حياته إلى يوم توبته قبل أن يحاسب فى القيامة وليناقش قبل أن يناقش فمن لم يحاسب نفسه فى الدنيا طال فى الآخرة حسابه فإن حصل مجموع ما عليه بظن غالب ونوع من الاجتهاد ممكن فليكتبه وليكتب أسامى أصحاب المظالم واحدا واحدا وليطف فى نواحى العالم وليطلبهم وليستحلهم أو ليؤد حقوقهم وهذه التوبة تشق على الظلمة وعلى التجار فإنهم لا يقدرون على طلب المعاملين كلهم ولا على طلب ورثتهم ولكن على كل واحد منهم أن يفعل منه ما يقدر عليه فإن عجز فلا يبقى له طريق إلا أن يكثر من الحسنات حتى تفيض عنه يوم القيامة فتؤخذ حسناته وتوضع فى موازين أرباب المظالم ولكن كثرة حسناته بقدر كثرة مظالمه فإنه إن لم تف بها حسناته حمل من سيئاته أرباب المظالم فيهلك بسيئات غيره فهذا طريق كل تائب فى رد المظالم وهذا يوجب استغراق العمر فى الحسنات لو طال العمر بحسب طول مدة الظلم فكيف وذلك مما لا يعرف وربما يكون الأجل قريبا فينبغى أن يكون تشميرة للحسنات والوقت ضيق أشد من تشميرة الذى كان فى المعاصى فى متسع الأوقات هذا حكم المظالم الثابتة فى ذمته .
أما أمواله الحاضرة فليرد إلى المالك ما يعرف له مالكا معينا وما لا يعرف له مالكا فعليه أن يتصدق به فإن اختلط الحلال بالحرام فعليه أن يعرف قدر الحرام بالاجتهاد ويتصدق بذلك المقدار كما سبق تفصيله فى كتاب الحلال والحرام .
وأما الجناية على القلوب بمشافهة الناس بما يسوؤهم أو يعيهم فى الغيبة فيطلب كل من تعرض له بلسان أو آذى قلبه بفعل من أفعاله وليستحل واحدا واحدا منهم ومن مات أو غاب فقد فات أمره ولا يتدارك إلا بتكثير الحسنات لتؤخذ منه عوضا فى القيامة وأما من وجده وأحله بطيب قلب منه فذلك كفارته وعليه أن يعرفه قدر جنايته