دلني على ما يحبني الله عليه ويحبني الناس قال ازهد في الدنيا يحبك الله وانبذ إليهم هذا الحطام يحبوك // حديث قال رجل دلني على ما يحبني الله عليه ويحبني الناس قال ازهد في الدنيا يحبك الله الحديث أخرجه ابن ماجه من حديث سهل بن سعد بلفظ وازهد فيما في أيدي الناس وقد تقدم .
فنقول حبك لحب الناس لك قد يكون مباحا وقد يكون محمودا وقد يكون مذموما .
فالمحمود أن تحب ذلك لتعرف به حب الله لك فإنه تعالى إذا أحب عبدا حببه في قلوب عباده .
والمذموم أن تحب حبهم وحمدهم على حجك وغزوك وصلاتك على طاعة بعينها فإن ذلك طلب عوض على طاعة الله عاجل سوى ثواب الله .
والمباح أن تحب أن يحبوك لصفات محمودة سوى الطاعات المحمودة المعينة فحبك ذلك كحبك المال لأن ملك القلوب وسيلة إلى الأغراض كملك الأموال فلا فرق بينهما .
بيان ترك الطاعات خوفا من الرياء ودخول الآفات .
اعلم أن من الناس من يترك العمل خوفا من أن يكون مرائيا به وذلك غلط وموافقة للشيطان بل الحق فيما يترك من الأعمال وما لا يترك لخوف الآفات ما نذكره وهو أن الطاعات تنقسم إلى .
ما لا لذة في عينه كالصلاة والصوم والحج والغزو فإنها مقاساة ومجاهدات إنما تصير لذيذة من حيث إنها توصل إلى حمد الناس وحمد الناس لذيذ وذلك عند اطلاع الناس عليه .
وإلى ما هو لذيذ وهو أكثر مالا يقتصر على البدن بل يتعلق بالخلق كالخلافة والقضاء والولايات والحسبة وإمامة الصلاة والتذكير والتدريس وإنفاق المال على الخلق وغير ذلك مما تعظم الآفة فيه لتعلقه بالخلق ولما فيه من اللذة .
القسم الأول الطاعات اللازمة للبدن التي لا تتعلق بالغير ولا لذة في عينها كالصوم والصلاة والحج فخطرات الرياء فيها ثلاث .
إحداها ما يدخل قبل العمل فيبعث على الابتداء لرؤية الناس وليس معه باعث الدين فهذا مما ينبغي أن يترك لأنه معصية لا طاعة فيه فإنه تدرع بصورة الطاعة إلى طلب المنزلة فإن قدر الإنسان على أن يدفع عن نفسه باعث الرياء ويقول لها ألا تستحيين من مولاك لا تسخين بالعمل لأجله وتسخين بالعمل لأجل عباده حتى يندفع باعث الرياء وتسخو النفس بالعمل لله عقوبة للنفس على خاطر الرياء وكفارة له فليشتغل بالعمل .
الثانية أن ينبعث لأجل الله ولكن يعترض الرياء مع عقد العبادة وأولها فلا ينبغي أن يترك العمل لأنه وجد باعثا دينيا فليشرع في العمل وليجاهد نفسه في دفع الرياء وتحسين الإخلاص بالمعالجات التي ذكرناها من إلزام النفس كراهة الرياء والإباء عن القبول .
الثالثة أن يعقد على الإخلاص ثم يطرأ الرياء ودواعيه فينبغي أن يجاهد في الدفع ولا يترك العمل لكي يرجع إلى عقد الإخلاص ويرد نفسه إليه قهرا حتى يتمم العمل لأن الشيطان يدعوك أولا إلى ترك العمل فإذا لم تجب واشتغلت فيدعوك إلى الرياء فإذا لم تجب ودفعت بقي يقول لك هذا العمل ليس بخالص وأنت مراء وتعبك ضائع فأي فائدة لك في عمل لا إخلاص حتى يحملك بذلك على ترك العمل فإذا تركته فقد حصلت غرضه .
ومثال من يترك العلم لخوفه أن يكون مرائيا كمن سلم إليه مولاه حنطة فيها زؤان وقال خلصها من الزؤان ونقها منه تنقية بالغة فيترك أصل العمل يقول أخاف إن اشتغلت به لم تخلص خلاصا صافيا نقيا .
فترك العمل من أجله هو ترك الإخلاص مع أصل العمل فلا معنى له .
ومن هذا القبيل أن يترك العمل خوفا على الناس أن يقولوا إنه مراء فيعصون الله به .
فهذا من مكايد الشيطان لأنه أولا أساء الظن بالمسلمين وما كان من حقه أن يظن بهم ذلك ثم إن كان فلا يضره قولهم ويفوته ثواب