الكبيرة السادسة و الستون : الإصرار على ترك صلاة الجمعة و الجماعة من غير عذر .
قال الله تعالى : { يوم يكشف عن ساق و يدعون إلى السجود فلا يستطيعون * خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة و قد كانوا يدعون إلى السجود و هم سالمون } .
قال كعب الأحبار : ما نزلت هذه الآية إلا في الذين يتخلفون عن الجماعات .
و قال سعيد بن المسيب إمام التابعين C : كانوا يسمعون حي على الصلاة حي على الفلاح فلا يجيبون و هم سالمون أصحاء .
و في الصحيحين [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : و الذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب يحتطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ثم آمر رجلا فيؤم الناس ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة في الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار ] و في رواية لمسلم من حديث أبي هريرة : [ لقد هممت أن آمر فتيتي أن يجمعوا لي حزما من حطب ثم آتي قوما يصلون في بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم ] و في هذا الحديث الصحيح و الآية التي قبله وعيد شديد لمن يترك صلاة الجماعة من غير عذر فقد روى أبو داود في سننه [ بإسناد إلى ابن عباس Bهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من سمع المنادي فلم يمنعه من إتيانه عذر ـ قيل و ما العذر يا رسول الله قال خوف أو مرض ـ لم تقبل منه الصلاة التي صلى ] يعني في بيته .
و روى الترمذي عن ابن عباس Bهما أنه سئل عن رجل يصوم النهار و يقوم الليل و لا يصلي في جماعة و لا يجمع فقال : إن مات هذا فهو في النار .
و روى مسلم [ أن رجلا أعمى جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فرخص له فلما ولى دعاه فقال : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم قال : فأجب ] و في رواية أبي داود [ أن ابن أم مكتوم جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم و قال : يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام و السباع و أنا ضرير البصر فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح ؟ قال : نعم قال : فأجب فحي هلا ] و في رواية [ أنه قال : يا رسول الله إني ضرير شاسع الدار و لي قائد لا يلائمني فهل لي رخصة ] : و قوله ( فحي هلا ) أي تعال و أقبل .
و روى الحاكم في مستدركه على شرط الصحيحين [ عن ابن عباس Bهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : و من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر فلا صلاة له قالوا و ما العذر يا رسول الله ؟ قال : خوف أو مرض ] و جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لعن الله ثلاثة ـ من تقدم قوما و هم له كارهون و امرأة باتت و زوجها عليها ساخط و رجلا سمع حي على الصلاة حي على الفلاح ثم لم يجب ] .
قال أبو هريرة : لأن تمتلىء أذن ابن آدم رصاصا مذابا خير من أن يسمع حي على الصلاة حي على الفلاح ثم لا يجيب .
و قال علي بن أبي طالب Bه : لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد قيل من جار المسجد ؟ قال : من يسمع الآذان قال أيضا : من سمع النداء فلم يأته لم تجاوز صلاته رأسه إلا من عذر .
و قال ابن مسعود Bه : من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هذه الصلوات الخمس حيث ينادى بهن فإن الله تعالى شرع لنبيكم صلى الله عليه و سلم سنن الهدى و إنها من سنن الهدى و لو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم و لو تركتم سنة نبيكم لضللتم و لقد رأيتنا و ما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض و لقد كان الرجل يؤتى به يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف يعني يتكىء عليهما من ضعفه حرصا على فضلها و خوفا من الإثم في تركها .
( فصل ) : و فضل صلاة الجماعة عظيم كما في تفسير قوله تعالى : { و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون } إنهم المصلون الصلوات الخمس في الجماعات و في قوله تعالى : { و نكتب ما قدموا و آثارهم } أي خطاهم .
و في الصحيح [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته أحدهما تحط خطيئة و الأخرى ترفع درجة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه الذي صلى فيه يقولون : اللهم اغفر له اللهم ارحمه ما لم يؤذ فيه أو يحدث فيه ] .
و قال صلى الله عليه و سلم : [ ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا و يرفع به الدرجات ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : إسباغ الوضوء على المكاره و كثرة الخطا إلى المساجد و انتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط ] رواه مسلم