الكبيرة الثانية و الخمسون : أذى الجار .
ثبت في الصحيحين [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : و الله لا يؤمن و الله لا يؤمن قيل من يا رسول الله ؟ قال من لا يأمن جاره بوائقه ] أي غوائله و شروره و في رواية : [ لا يدخل الجنة من لا يؤمن جاره بوائقه ] و سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أعظم الذنب عند الله فذكر ثلاث خلال : [ أن تجعل لله ندا و هو خلقك و أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك و أن تزني بحليلة جارك ] و في الحديث : [ من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يؤذ جاره ] و الجيران ثلاثة : جار مسلم قريب له حق الجوار و حق الإسلام و حق القرابة و جار مسلم له حق الجوار و حق الإسلام و الجار الكافر له حق الجوار و كان ابن عمر Bهما له جار يهودي فكان إذا ذبح الشاة يقول : احملوا إلى جارنا اليهودي منها و روي أن الجار الفقير يتعلق بالجار الغني يوم القيامة و يقول : يا رب سل هذا لم منعني معروفه و أغلق عني بابه .
و ينبغي للجار أن يحمل أذى الجار فهو من جملة الإحسان إليه [ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله دلني على عمل إذا قمت به دخلت الجنة فقال : كن محسنا فقال : يا رسول الله كيف أعلم أني محسن ؟ قال : سل جيرانك فإن قالوا أنك محسن فأنت محسن و إن قالوا أنك مسيء فأنت مسيء ] ذكره البيهقي من رواية أبي هريرة و جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ من أغلق بابه عن جاره مخافة على أهله و ماله فليس بمؤمن و ليس بمؤمن من لا يأمن جاره بوائقه ] .
و قيل : لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر من أن يزني بامرأة جاره و لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر من أن يسرق من بيت جاره و في سنن أبي داود [ من رواية أبي هريرة Bه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يشكوه جاره فقال له اذهب فاصبر فأتاه مرتين أو ثلاثا ثم قال اذهب فاطرح متاعك على الطريق ففعل فجعل الناس يمرون به و يسألونه عن حاله فيخبرهم خبره مع جاره فجعلوا يلعنون جاره و يقولون : فعل الله به و فعل و يدعون عليه فجاء إليه جاره و قال : يا أخي ارجع إلى منزلك فإنك لن ترى ما تكره أبدا ] .
و أن يحتمل أذى جاره و إن كان ذميا فقد روي عن سهل بن عبد الله التستري C أنه كان له جار ذمي و كان قد انبثق من كنيفه إلى بيت في دار سهل بثق فكان سهل يضع كل يوم الجفنة تحت ذلك البثق فيجتمع ما يسقط فيه من كنيف المجوسي و يطرحه بالليل حيث لا يراه أحد فمكث C على هذه الحال زمانا طويلا إلى أن حضرت سهلا الوفاة فاستدعى جاره المجوسي و قال له : ادخل ذلك البيت و انظر ما فيه فدخل فرأى ذلك البثق و القذر يسقط منه في الجفنة فقال ما هذا الذي أرى ؟ قال سهل : هذا منذ زمان طويل يسقط من دارك إلى هذا البيت و أنا أتلقاه بالنهار و ألقيه بالليل و لولا أنه حضرني أجلي و أنا أخاف أن لا تتسع أخلاق غيري لذلك و إلا لم أخبرك فافعل ما ترى فقال المجوسي : أيها الشيخ أنت تعاملني بهذه المعاملة منذ زمان طويل و أنا مقيم على كفري ؟ مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ثم مات سهل C .
فنسأل الله أن يهدينا و إياكم لأحسن الأخلاق و الأعمال و الأقوال و أن يحسن عاقبتنا إنه جواد كريم رؤوف رحيم