الكبيرة الثانية و العشرون : الغلول من الغنيمة .
و هي من بيت المال و من الزكاة قال الله تعالى : .
{ إن الله لا يحب الخائنين } و قال الله تعالى { و ما كان لنبي أن يغل و من يغلل يأت بما غل يوم القيامة } .
و في صحيح مسلم [ عن أبي هريرة Bه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم فذكر الغلول فعظمه و عظم أمره ثم قال لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع يخفق فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك ] أخرج هذا الحديث مسلم .
قوله : على رقبته رقاع تخفق ـ أي ثياب و قماش قوله : على رقبته صامت ـ أي ذهب أو فضة فمن أخذ شيئا من هذه الأنواع المذكورة من الغنيمة قبل أن تقسم بين الغانمين أو من بيت المال بغير إذن الإمام أو من الزكاة التي تجمع للفقراء جاء يوم القيامة حامله على رقبته كما ذكر الله تعالى في القرآن { و من يغلل يأت بما غل يوم القيامة } .
و لقول النبي صلى الله عليه و سلم : [ أدوا الخيط و المخيط و إياكم و الغلول بأنه عار على صاحبه يوم القيامة ] و [ لقول النبي صلى الله عليه و سلم لما استعمل ابن اللتيبة على الصدقة و قدم و قال : هذا لكم و هذا أهدي لي فصعد النبي صلى الله عليه و سلم المنبر و حمد الله و أثنى عليه إلى أن قال : و الله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا جاء يوم القيامة يحمله فلا أعرف رجلا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيصر ثم رفع يده صلى الله عليه و سلم فقال : اللهم هل بلغت ؟ ] .
و [ عن أبي هريرة قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى خيبر ففتح علينا فلم نغنم ذهبا و لا ورقا غنمنا المتاع ـ الطعام ـ و الثياب ثم انطلقنا إلى الوادي ـ يعني وادي القرى ـ و مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد وهبه له رجل من بني جذام يدعى رفاعة بن يزيد من بني الضبيب فلما نزلنا الوادي قام عبد رسول الله صلى الله عليه و سلم يحل رحله فرمي بسهم فكان به حتفه فقلنا : هنيئا له بالشهادة يا رسول الله فقال رسول الله : كلا و الذي نفسي بيده إن الشملة لتلتهب عليه نارا أخذها من الغنائم لم تصبها المقاسم قال ففزع الناس فجاء رجل بشراك أو شراكين فقال : أصبت يوم خيبر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم شراك أو شراكان من نار ] متفق عليه و [ عن عبد الله بن عمرو Bهما قال : كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه و سلم رجل يقال له كركرة فمات فقال النبي صلى الله عليه و سلم : هو في النار فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها ] و [ عن زيد بن خالد الجهني أن رجلا غل في غزوة خيبر فامتنع النبي صلى الله عليه و سلم من الصلاة عليه و قال : إن صاحبكم غل في سبيل الله قال ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز اليهود ما يساوي درهمين ] و قال الإمام أحمد C : ما نعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم امتنع من الصلاة على أحد إلا على الغال و قاتل نفسه و جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ هدايا العمال غلول ] .
و في الباب أحاديث كثيرة و يأتي بعضها في باب الظلم و الظلم على ثلاثة أقسام : أحدهما : أكل المال بالباطل و ثانيها : ظلم العباد بالقتل و الضرب و الكسر و الجراح و ثالثها : ظلم العباد بالشتم و اللعن و السب و القذف و قد خطب النبي صلى الله عليه و سلم بمنى فقال : [ ألا إن دماءكم و أموالكم و أعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ] متفق عليه .
و قال صلى الله عليه و سلم : [ لا يقبل الله صلاة بغير طهور و لا صدقة من غلول ] فنسأل الله التوفيق لما يحب و يرضى أنه جواد كريم