وقوله : 68 - { قالوا ادع لنا ربك } هذا نوع من أنواع تعنتهم المألوفة فقد كانوا يسلكون هذه المسالك في غالب ما أمرهم الله به ولو تركوا العنت والأسئلة المتكلفة لأجزأهم ذبح بقرة من عرض البقر ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم كما سيأتي بيانه والفارض : المسنة ومعناه في اللغة الواسع قال في الكشاف : وكأنها سميت فارضا لأنها فرضت سنها : أي قطعتها وبلغت آخرها انتهى ويقال للشيء القديم فارض ومنه قول الراجز : .
( يا رب ذي ضغن علي فارض ... له قرو كقرو الحائض ) .
أي قديم وقيل الفارض : التي قد ولدت بطونا كثيرة فيتسع جوفها والبكر : الصغيرة التي لم تحمل وتطلق في إناث البهائم وبني آدم على ما لم يفتحله الفحل وتطلق أيضا على الأول من الأولاد ومنه قول الراجز : .
( يا بكر بكرين ويا صلب الكبد ... أصبحت مني كذارع من عضد ) .
والعوان : المتوسطة بين سني الفارض والبكر وهي التي قد ولدت بطنا أو بطنين ويقال : هي التي قد ولدت مرة بعد مرة والإشارة بقوله : { بين ذلك } إلى الفارض والبكر وهما وإن كانتا مؤنثتين فقد أشير إليهما بما هو للمذكر على تأويل المذكور كأنه قال : بين ذلك المذكور وجاز دخول المقتضية لشيئين لأن المذكور متعدد وقوله : { فافعلوا } تجديد للأمر وتأكيد له وزجر لهم عن التعنت فلم ينفعهم ذلك ولا نجع فيهم بل رجعوا إلى طبيعتهم وعادوا إلى مكرهم واستمروا على عادتهم المألوفة