قوله : 29 - { إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار } هذا تعليل لامتناعه من المقاتلة بعد التعليل الأول وهو { إني أخاف الله رب العالمين } .
اختلف المفسرون في المعنى فقيل : أراد هابيل إني أريد أن تبوء بالإثم الذي كان يلحقني لو كنت حريصا على قتلك وبإثمك الذي تحملته بسبب قتلي وقيل المراد بإثمي الذي يختص بي بسبب سيأتي فيطرح عليك بسبب ظلمك لي وتبوء بإثمك في قتلي وهذا يوافق معناه معنى ما ثبت في صحيح مسلم من قوله A : [ يؤتى يوم القيامة بالظالم والمظلوم فيؤخذ من حسنات الظالم فتزاد في حسنات المظلوم حتى ينتصف فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات المظلوم فتطرح عليه ] ومثله قوله تعالى : { وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم } وقيل المعنى : إني أريد أن لا تبوء بإثمي وإثمك كما في قوله تعالى : { وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم } أي أن لا تميد بكم وقوله : { يبين الله لكم أن تضلوا } أي أن لا تضلوا وقال أكثر العلماء : إن المعنى { إني أريد أن تبوء بإثمي } أي بإثم قتلك لي : { وإثمك } الذي قد صار عليك بذنوبك من قبل قتلي قال الثعلبي : هذا قول عامة المفسرين وقيل هو على وجه الإنكار : أي أو إني أريد على وجه الإنكار كقوله تعالى : { وتلك نعمة } أي أو تلك نعمة قاله القشيري ووجهه بأن إرادة القتل معصية وسئل أبو الحسن بن كيسان كيف يريد المؤمن أن يأثم أخوه وأن يدخل النار ؟ فقال : وقعت الإرادة بعدما بسط يده إليه بالقتل وهذا بعيد جدا وكذلك الذي قبله وأصل باء رجع إلى المباءة وهي المنزل - وباءوا بغضب من الله - أي رجعوا