وقد استدل على أن النبأ العظيم هو القرآن بقوله : 3 - { الذي هم فيه مختلفون } فإنهم اختلفوا في القرآن فجعله بعضهم سحرا وبعهضهم شعرا وبعضهم كهانة وبعضهم قال هو أساطير الأولين وأما البعث فقد اتفق الكفار إذا ذاك على إنكاره ويمكن أن يقال إنه قد وقع الاختلاف في البعث في الجملة فصدق به المؤمنون وكذب به الكافرون فقد وقع الاختلاف فيه من هذه الحيثية وإن لم يقع الاختلاف فيه بين الكفار أنفسهم على التسليم والتنزل ومما يدل على أنه القرآن قوله سبحانه { قل هو نبأ عظيم * أنتم عنه معرضون } ومما يدل على أنه البعث أنه أكثر ما كان يستنكره المشركون وتأباه عقولهم السخيفة وأيضا فطوائف الكفار قد وقع الاختلاف بينهم في البعث فأثبت النصارى المعاد الروحاني وأثبتت طائفة من اليهود المعاد الجسماني وفي التوارة التصريح بلفظ الجنة باللغة العبرانية بلغظ جنعيذا بجيم مفتوحة ثم نون ساكنة ثم عين مكسورة مهملة ثم تحتية ساكنة ثم ذال معجمة بعدها ألف وفي الإنجيل في مواضع كثيرة التصريح بالمعاد وأنه يكون فيه النعيم للمطيعين والعذاب للعاصين وقد كان بعض طوائف كفار العرب ينكر المعاد كما حكى الله عنهم بقوله : { إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين } وكانت طائفة منهم غير جازمة بنفيه بل شاكة فيه كما حكى الله عنهم بقوله : { إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين } وما حكاه عنهم بقوله : { وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلى ربي إن لي عنده للحسنى } فقد حصل الاختلاف بين طوائف الكفر على هذه الصفة وقد قيل إن الضمير في قوله يتساءلون يرجع إلى المؤمنين والكفار لأنهم جميعا كانوا يتساءلون عنه فأما المسلم فيزداد يقينا واستعدادا وبصيرة في دينه وأما الكافر فاستهزاء وسخرية قال الرازي : ويحتمل أنهم يسألون الرسول ويقولون : ما هذا الذي يعدنا به من أمر الآخرة والموصول في محل جر صفة للنبإ بعد وصفه بكونه عظيما فهو متصف بالعظم ومتصف بوقوع الاختلاف فيه