ثم رد سبحانه المشيئة إلى نفسه فقال : 56 - { وما يذكرون إلا أن يشاء الله } قرأ الجمهور { يذكرون } بالياء التحتية وقرأ نافع ويعقوب بالفوقية واتفقوا على التخفيف وقوله : { إلا أن يشاء الله } استثناء مفرغ من أعم الأحوال قال مقاتل : إلا أن يشاء الله لهم الهدى { هو أهل التقوى } أي هو الحقيق بأن يتقيه المتقون بترك معاصيه والعمل بطاعاته { وأهل المغفرة } أي هو الحقيق بأن بغفر للمؤمنين ما فرط منهم من الذنوب والحقيق بأن يقبل توبة التائبين من العصاة فيغفر ذنوبهم .
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : { كل نفس بما كسبت رهينة } قال : مأخوذة بعملها وأخرج ابن المنذر عنه في قوله : { إلا أصحاب اليمين } قال : هم المسلمون وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب { إلا أصحاب اليمين } قال : هم أطفال المسلمين وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { حتى أتانا اليقين } قال : الموت وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وضححه عن أبي موسى الأشعري في قوله : { فرت من قسورة } قال : هم الرماة رجال القسي وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال : القسورة الرجال الرماة القنص وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي جمرة قال : قلت لابن عباس : القسورة الأسد فقال : ما أعلمه بلغة أحد من العرب الأسد هم عصبة الرجال وأخرج سفيان بن عيننة وعبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس { من قسورة } قال : هو ركز الناس : يعني أصواتهم وأخرج أحمد والدارمي والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي وصححه وابن مردويه عن أنس [ أن رسول الله A قرأ هذه الآية { هو أهل التقوى وأهل المغفرة } فقال : قال ربكم أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله فمن اتقاني فلم يجعل معي إلها فأنا أهل أن أغفر له ] وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس مرفوعا نحوه