13 - { وأنا لما سمعنا الهدى } يعنون القرآن { آمنا به } وصدقنا أنه من عند الله ولم نكذب به كما كذبت به كفرة الإنس { فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا } أي لا يخاف نقصا في عمله وثوابه ولا ظلما ومكروها يغشاه والبخس النقصان والرهق العدوان والظغيان والمعنى : لا يخاف أن ينقص من حسناته ولا أن يزاد في سيئاته وقد تقدم تحقيق الرهق قريبا قرأ الجمهور { بخسا } بسكون الخاء وقرأ يحيى بن وثاب بفتحها وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش فلا يخف جزما على جواب الشرط ولا وجه لهذا بعد دخول الفاء والتقدير : فهو لا يخاف والأمر ظاهر .
وقد أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وغيرهم عن ابن عباس قال : انطلق النبي A في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا : مالكم ؟ فقالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب قالوا ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها لتعرفوا ما هذا الأمر الذي حال بينكم وبين خبر السماء فانصرف أولئك الذين توجهوا نحو تهامة إلى النبي A وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له قالوا : هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر السماء فناك حين رجعوا إلى قومهم { فقالوا } يا قومنا { إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا } فأنزل الله على نبيه A { قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن } وإنما أوحي إليه قول الجن وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود في قوله : { قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن } قال : كانوا من جن نصيبين وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { وأنه تعالى جد ربنا } قال : آلاؤه وعظمته وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في الآية قال : أمره وقدرته وأخرج ابن مردويه والديلمي قال السيوطي بسند واه عن أبي موسى الأشعري مرفوعا في قوله : { وأنه كان يقول سفيهنا } قال : إبليس وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والعقيلي في الضعفاء والطبراني وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه وابن عساكر عن عكرمة بن أبي السائب الأنصاري قال : خرجت مع أبي إلى المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر رسول الله A بمكة فآوانا المبيت إلى راعي غنم فلما انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حملا من الغنم فوثب الراعي فقال : يا عامر الوادي أنا جارك فنادى مناد يا سرحان أرسله فأتى الحمل يشتد حتى دخل في الغنم وأنزل الله على رسوله بمكة { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن } الآية وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { فزادوهم رهقا } قال : إثما وأخرج ابن مردويه عنه قال : كان القوم في الجاهلية إذا نزلوا بالوادي قالوا : نعوذ بسيد هذا الوادي من شر ما فيه فلا يكون بشيء أشد ولعا منهم بهم ذلك قوله : { فزادوهم رهقا } وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عباس قال : كانت الشياطين لهم مقاعد في السماء يسمعون فيها الوحي فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعا فأما الكلمة فتكون حقا وأما ما زادوا فيكون باطلا فلما بعث رسول الله A منعوا مقاعدهم فذكروا ذلك لإبليس ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك فقال لهم : ما هذا إلا من أمر قد حدث في الأرض فبعث جنوده فوجدوا رسول الله A قائما يصلي بين جبلين بمكة فأتوه فأخبروه فقال : هذا الحدث الذي حدث في الارض وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه في قوله : { وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك } يقول : منا المسلم ومنا المشرك و { كنا طرائق قددا } أهواء شتى وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا { فلا يخاف بخسا ولا رهقا } قال : لا يخاف نقصا من حسناته ولا زيادة في سيئاته