وجملة 56 - { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } مستأنفة مقررة لما قبلها لأن كون خلقهم لمجرد العبادة مما ينشط رسول الله A للتذكير وينشطهم للإجابة قيل هذا خاص في من سبق من علم الله سبحانه أنه يعبده فهو عموم مراد به الخصوص قال الواحدي : قال المفسرون : هذا خاص لأهل طاعته يعني من أهل من الفريقين قال : وهذا قول الكلبي والضحاك واختيار الفراء وابن قتيبة قال القشيري : والآية دخلها التخصيص بالقطع لأن المجانين لم يؤمروا بالعبادة ولا أراجها منهم وقد قال : { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس } ومن خلق لجهنم لا يكون ممن خلق للعبادة فالآية محمولة على المؤمنين منهم ويدل عليه قراءة ابن مسعود وأبي بن كعب [ وما خلقت الجن والإنس من المؤمنين إلا ليعبدون ] وقال مجاهد : إن المعنى : إلا ليعرفوني قال الثعلبي : وهذا قول حسن لأنه لو لم يخلقهم لما عرف وجوده وتوحيده وروي عن مجاهد أنه قال : المعنى إلا لآمرهم وأنهاهم ويدل عليه قوله : { وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون } واختار هذا الزجاج وقال زيد بن أسلم : هو ما جبلوا عليه من السعادة والشقاوة فخلق السعداء من الجن والإنس للعبادة وخلق الأشقياء للمعصية وقال الكلبي : المعنى إلا ليوحدون فأما المؤمن فيوحده في الشدة والرخاء وأما الكافر فيوحده في الشدة دون النعمة كما في قوله : { وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين } وقال جماعة : إلا ليخضعوا لي ويتذللوا ومعنى العبادة في اللغة : الذل والخضوع والانقياد وكل مخلوق من الإنس والجن خاضع لقضاء الله متذلل لمشيئته منقاد لما قدره عليه خلقهم على ما أراد ورزقهم كما قضى لا يملك أحد منهم لنفسه نفعا ولا ضررا ووجه تقديم الجن على الإنس هاهنا تقدم وجودهم