30 - { يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به } يعنون محمدا A أو القرآن { يغفر لكم من ذنوبكم } أي بعضها وهو ما عدا حق العباد وقيل إن من هنا لابتداء الغاية والمعنى : أنه يقع ابتداء الغفران من الذنوب ثم ينتهي إلى غفران ترك ما هو الأولى وقيل هي زائدة { ويجركم من عذاب أليم } وهو عذاب النار وفي هذه الآية دليل على أن حكم الجن حكم الإنس في الثواب والعقاب والتعبد بالأوامر والنواهي وقال الحسن ليس لمؤمني الجن ثواب غير نجاتهم من النار وبه قال أبو حنيفة والأول أولى وبه قال مالك والشافعي وابن أبي ليلى وعلى القول الأول فقال القائلون به أنهم بعد نجاتهم من النار يقال لهم : كونوا ترابا كما يقال للبهائم والثاني أرجح وقد قال الله سبحانه في مخاطبة الجن والإنس { ولمن خاف مقام ربه جنتان * فبأي آلاء ربكما تكذبان } فامتن سبحانه على الثقلين بأن جعل جزاء محسنهم الجنة ولا ينافي هذا الاقتصار هاهنا على ذكر إجارتهم من عذاب أليم ومما يؤيد هذا أن الله سبحانه قد جازى كافرهم بالنار وهو مقام عدل فكيف لا يجازي محسنهم بالجنة وهو مقام فضل ومما يؤيده هذا أيضا ما في القرآن الكريم في غير موضع أن جزاء المؤمنين الجنة وجزاء من عمل الصالحات الجنة وجزاء من قال لا إله إلا الله الجنة وغير ذلك مما هو كثير في الكتاب والسنة .
وقد اختلف أهل العلم هل أرسل الله إلى الجن رسلا منهم أم لا وظاهر الآيات القرآنية أن الرسل من الإنس فقط كما في قوله : { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى } وقال : { وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق } وقال سبحانه في إبراهيم الخليل : { وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب } فكل نبي بعثه الله بعد إبراهيم فهو من ذريته وأما قوله تعالى في سورة الأنعام : { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم } فقيل المراد من مجموع الجنسين وصدق على أحدهما وهم الإنس : كقوله : { يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } أي من أحدهما