ويدل على هذا قوله : 18 - { يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } استعجال استهزاء منهم بها وتكذيبا بمجيئها { والذين آمنوا مشفقون منها } أي خائفون وجلون من مجيئها قال مقاتل : لأنهم لا يدرون على ما يهجمون عليه وقال الزجاج : لأنه يعلمون أنهم محاسبون ومجزيون { ويعلمون أنها الحق } أي أنها آتية لا ريب فيها ومثل هذا قوله : { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون } ثم بين ضلال الممارين فيها فقال : { ألا إن الذين يمارون في الساعة } أي يخاصمون فيها مخاصمة شك وريبة من الممارة وهي المخاصمة والمجادلة أو من المرية وهي الشك والريبة { لفي ضلال بعيد } عن الحق لأنهم لم يتفكروا في الموجبات للإيمان بها من الدلائل التي هي مشاهدة لهم منصوبة لأعينهم مفهومة لعقولهم ولو تفكروا لعلموا أن الذي خلقهم ابتداء قادر على الإعادة .
وقد أخرج ابن جرير عن السدي { أن أقيموا الدين } قال : اعملوا به وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : { أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } قال : ألا تعلموا أن الفرقة هلكة وأن الجماعة ثقفة { كبر على المشركين ما تدعوهم إليه } قال : استكبر المشركون أن قيل لهم : لا إله إلا الله وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد { الله يجتبي إليه من يشاء } قال : يخلص لنفسه من يشاء وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : { والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له } قال : هم أهل الكتاب كانوا يجادلون المسلمين ويصدونهم عن الهدى من بعد ما استجابوا لله وقال : هم قوم من أهل الضلالة وكانوا يتربصون بأن تأتيهم الجاهلية وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : { والذين يحاجون في الله } الآية قال : هم اليهود والنصارى وأخرج عبد بن حميد عن الحسن نحوه وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : لما نزلت { إذا جاء نصر الله والفتح } قال المشركون لمن بين أظهرهم من المؤمنين : قد دخل الناس في دين الله أفواجا فاخرجوا من بين أظهرنا فنزلت { والذين يحاجون في الله } الآية