ثم ذكر سبحانه ما أنزل عليهم من عذابه فقال : 16 - { فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا } الصرصر الريح الشديدة الصوت من الصرة وهي الصيحة قال أبو عبيدة : معنى صرصر شديدة عاصفة وقال الفراء : هي الباردة تحرق كما تحرق النار وقال عكرمة وسعيد بن جبير وقتادة : هي الباردة وأنشد قطرب قول الحطيئة : .
( المطعمون إذا هبت بصرصرة ... والحاملون إذا استودوا عن الناس ) .
أي إذا سئلوا الدية وقال مجاهد : هي الشديدة السموم والأولى تفسيرها بالبرد لأن الصر في كلام العرب البرد ومنه قول الشاعر : .
( لها غدر كقرون النسا ... ء ركبن في يوم ريح وصر ) .
قال ابن السكيت : صرصر يجوز أن يكون من الصر وهو البرد ويجوز أن يكون من صرصر الباب ومن الصرة وهي الصيحة ومنه فأقبلت امرأته في صرة ثم بين سبحانه وقت نزول ذلك العذاب عليهم فقال : { في أيام نحسات } أي مشؤومات ذوات نحوس قال مجاهد وقتادة : كن آخر شوال من يوم الأربعاء إلى يوم الأربعاء وذلك سبع ليال وثمانية أيام حسوما وقيل نحسات باردات وقيل متتابعات وقيل شداد وقيل ذوات غبار قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو { نحسات } بإسكان الحاء على أنه جمع نحس وقرأ الباقون بكسرها واختار أبو حاتم القراءة الأولى لقوله : { في يوم نحس مستمر } واختار أبو عبيد القراءة الثانية { لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا } أي لكي نذيقهم والخزي هو الذل والهوان بسبب ذلك الاستكبار { ولعذاب الآخرة أخزى } أي أشد إهانة وذلا ووصف العذاب بذلك وهو في الحقيقة وصف للمعذبين لأنهم الذين صاروا متصفين بالخزي { وهم لا ينصرون } أي لا يمنعون من العذاب النازل بهم ولا يدفعه عنهم دافع