قوله 120 - { إن تمسسكم حسنة تسؤهم } هذه الجملة مستأنفة لبيان تناهي عداوتهم وحسنة وسيئة يعمان كل ما يحسن وما يسوء وعبر بالمس في الحسنة وبالإصابة في السيئة للدلالة على أن مجرد مس الحسنة يحصل به المساءة ولا يفرحون إلا بإصابة السيئة وقيل : إن المس مستعار لمعنى الإصابة ومعنى الآية : أن من كانت هذه حالته لم يكن أهلا لأن يتخذ بطانة { وإن تصبروا } على عداوتهم أو على التكاليف الشاقة { وتتقوا } موالاتهم أو ما حرمه الله عليكم { لا يضركم كيدهم شيئا } يقال : ضاره يضوره ويضيره ضيرا وضيورا : بمعنى ضره يضره وبه قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وقرأ الكوفيون وابن عامر { لا يضركم } بضم الراء وتشديدها من ضر يضر فهو على القراءة الأولى مجزوم على أنه جواب الشرط وعلى القراءة الثانية مرفوع على تقدير إضمار الفاء كما في قول الشاعر : .
( من يفعل الحسنات الله يشكرها ) .
قاله الكسائي والفراء وقال سيبويه : إنه مرفوع على نية التقديم : أي لا يضركم أن تصبروا وحكى أبو زيد عن المفضل عن عاصم { لا يضركم } بفتح الراء وشيئا صفة مصدر محذوف .
وقد أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان رجال من المسلمين يواصلون رجالا من يهود لما كان بيهم من الجوار والحلف في الجاهلية فأنزل الله فيهم ينهاهم عن مباطنتهم لخوف الفتنة عليهم منهم { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة } الآية وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه قال : هم النافقون وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد نحوه وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة عن رسول الله A قال : هم الخوارج قال السيوطي وسنده جيد وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله { وتؤمنون بالكتاب كله } أي : بكتابكم وبكتابهم وبما مضى من الكتب قبل ذلك وهم يكفرون بكتابكم فأنتم أحق بالبغضاء لهم منهم لكم واخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل { إن تمسسكم حسنة } يعني النصر على العدو والرزق والخير { تسؤهم وإن تصبكم سيئة } يعني القتل والهزيمة والجهد