ثم لما ذكر أن القرآن كتاب الله أنزله ليهتدي به في الدين ذكر أحوال من يجادل فيه لقصد إبطاله فقال : 4 - { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } أي ما يخاصم في دفع آيات الله وتكذيبها إلا الذين كفروا والمراد الجدال بالباطل والقصد إلى دحض الحق كما في قوله : { وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق } فأما الجدال لاستيضاح الحق ورفع اللبس والبحث عن الراجح والمرجوح وعن المحكم والمتشابه ودفع ما يتعلق به المبطلون من متشابهات القرآن وردهم بالجدال إلى المحكم فهو من أعظم ما يتقرب المتقربون وبذلك أخذ الله الميثاق على الذين أوتوا الكتاب فقال : { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه } وقال : { إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } وقال { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } { فلا يغررك تقلبهم في البلاد } لما حكم سبحانه على المجادلين في آيات الله بالكفر نهى رسوله A عن أن يغتر بشيء من حظوظهم الدنيوية فقال : فلا يغررك ما يفعلونه من التجارة في البلاد وما يحصلونه من الأرباح ويجمعونه من الأموال فإنهم معاقبون عما قليل وإن أمهلوا فإنهم لا يهملون قال الزجاج : لا يغررك سلامتهم بعد كفرهم فإن عاقبتهم الهلاك قرأ الجمهور { لا يغررك } بفك الإدغام وقرأ زيد بن علي وعبيد بن عمير بالإدغام