ثم ذكر سبحانه كيفية إحاطة العذاب بهم فقال 55 - { يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم } أي من جميع جهاتهم فإذا غشيهم العذاب على هذه الصفة فقد أحاطت بهم جهنم { ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون } القائل هو الله سبحانه أو بعض ملائكته يأمره : أي ذوقوا جزاء ما كنتم تعملون من الكفر والمعاصي قرأ أهل المدينة والكوفة نقول بالنون وقرأ الباقون بالتحتية واختار القراءة الأخيرة أبو عبيد لقوله : { قل كفى بالله } وقرأ ابن مسعود وابن أبي عبلة ويقال ذوقوا .
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والإسماعيلي في معجمه عن ابن عباس في قوله : { وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك } قال : لم يكن رسول الله A يقرأ ولا يكتب كان أميا وفي قوله : { بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم } قال : كان الله أنزل شأن محمد في التوراة والإنجيل لأهل العلم وعلمه لهم وجعله لهم آية فقال لهم : إن آية نبوته أن يخرج حين يخرج ولا يعلم كتابا ولا يخطه بيمينه وهي الآيات البينات التي قال الله تعالى وأخرج البيهقي في سننه عن ابن مسعود في قوله : { وما كنت تتلو من قبله من كتاب } الآية قال : لم يكن رسول الله A يقرأ ولا يكتب وأخرج الفريابي والدارمي وأبو داود في مراسيله وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن يحيى بن جعدة قال : [ جاء أناس من المسلمين بكتب قد كتبوها فيها بعض ما سمعوه من اليهود فقال النبي A : كفى بقوم حمقا أو ضلالة أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره إلى غيرهم فنزلت { أولم يكفهم } الآية ] وأخرجه الإسماعيلي في معجمه وابن مردويه من طريق يحيى بن جعدة عن أبي هريرة فذكره بمعناه وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في الشعب عن الزهري [ أن حفصة جاءت إلى النبي A بكتاب من قصص يوسف في كتف فجعلت تقرأه والنبي A يتلون وجهه فقال : والذي نفسي بيده لو أتاكم يوسف وأنا نبيكم فاتبعتموه وتركتموني لضللتم ] وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن الضريس والحاكم في الكنى والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن الحارث الأنصاري قال : [ دخل عمر بن الخطاب على النبي A بكتاب فيه مواضع من التوراة فقال : هذه أصبتها مع رجل من أهل الكتاب أعرضها عليك فتغير وجه رسول الله A تغيرا شديدا لم أر مثله قط فقال عبد الله بن الحرث لعمر : أما ترى وجه رسول الله A فقال عمر : رضينا بالله وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا فسرى عن رسول الله A وقال : لو نزل موسى فاتبعتموه وتركتموني لضللتم أنا حظكم من النبيين وأنتم حظي من الأمم ] وأخرج نحوه عبد الرزاق والبيهقي من طريق أبي قلابة عن عمر وأخرج البيهقي وصححه عن عمر بن الخطاب قال : [ سألت رسول الله A عن تعلم التوراة فقال : لا تتعلمها وآمن بها وتعلموا ما أنزل إليكم وآمنوا به ] وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : { وإن جهنم لمحيطة بالكافرين } قال : جهنم هو هذا البحر الأخضر تنتثر الكواكب فيه وتكون فيه الشمس والقمر ثم يستوقد فيكون هو جهنم وفي هذا نكارة شديدة فإن الأحاديث الكثيرة الصحيحة ناطقة بأن جهنم موجودة مخلوقة على الصفات التي ورد بها الكتاب والسنة