111 - { يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها } قال الزجاج : يوم تأتي منتصب بقوله رحيم أو بإضمار اذكر أو ذكرهم أو أنذرهم وقد استشكل إضافة ضمير النفس إلى النفس ولا بد من التغاير بين المضاف والمضاف إليه وأجيب بأن المراد بالنفس الأولى جملة بدن الإنسان وبالنفس الثانية الذات فكأن قيل يوم يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته لا يهمه غيرها ومعنى المجادلة عنها الاعتذار عنها فهو مجادل ومخاصم عن نفسه لا يتفرغ لغيرها يوم القيامة .
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : لما أراد رسول الله A أن يهاجر إلى المدينة قال لأصحابه : تفرقوا عني فمن كانت به قوة فليتأخر إلى آخر الليل ومن لم تكن به قوة فليذهب في أول الليل فإذا سمعتم بي قد استقرت بي الأرض فالحقوا بي فأصبح بلال المؤذن وخباب وعمار وجارية من قريش كانت أسلمت فأخذهم المشركون وأبو جهل فعرضوا على بلال أن يكفر فأبى فجعلوا يضعون درعا من حديد في الشمس ثم يلبسونها إياه فإذا ألبسوها إياه قال : أحد أحد وأما خباب فجعلوا يجرونه في الشوك وأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقية وأما الجارية فوتد لها أبو جهل أربعة أوتاد ثم مدها فأدخل الحربة في قبلها حتى قتلها ثم خلوا عن بلال وخباب وعمار فلحقوا برسول الله A فأخبروه بالذي كان من أمرهم واشتد على عمار الذي كان تكلم به فقال له رسول الله A كيف كان قبلك حين قلت الذي قلت أكان منشرحا بالذي قلت أم لا ؟ قال لا فأنزل الله { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر من طريق أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن أبيه قال : أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي A وذكر آلهتهم بخير فتركوه فلما أتى النبي A قال : ما وراءك ؟ قال : شر ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير قال : كيف تجد قلبك ؟ قال : مطمئنا بالإيمان قال : إن عادوا فعد فنزلت { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } قال : ذاك عمار بن ياسر { ولكن من شرح بالكفر صدرا } عبد الله بن أبي سرح وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن أبي مالك في قوله : { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } قال : نزلت في عمار بن ياسر وفي الباب روايات مصرحة بأنها نزلت في عمار بن ياسر وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال : نزلت هذه الآية { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } في عياش بن أبي ربيعة وأخرج ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : في سورة النحل { فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم } ثم نسخ واستثنى من ذلك فقال : { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } الآية قال : وهو عبد الله بن أبي سرح الذي كان يكتب لرسول الله A فأزله الشيطان فلحق بالكفار فأمر به النبي A أن يقتل يوم فتح مكة فاستجار له عثمان بن عفان فأجاره النبي A وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن مثله وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا } فيمن كان يفتي من أصحاب النبي A وأخرج ابن مردويه عنه قال : كان قوم من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام فنزلت فيهم { ثم إن ربك للذين هاجروا } الآية فكتبوا إليهم بذلك إن الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم فنجا من نجا وقتل من قتل وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن أن عيونا لمسيلمة أخذوا رجلين من المسلمين فأتوه بهما فقال لأحدهما : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم قال : أتشهد أني رسول الله فأهوى إلى أذنيه فقال : إني أصم فأمر به فقتل وقال للآخر : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ قال : نعم قال : أتشهد أني رسول الله ؟ قال : نعم فأرسله فأتى النبي A فقال له أما صاحبك فمضى على إيمانه وأما أنت فأخذت بالرخصة وهو مرسل