38 - { ويصنع الفلك } أي وطفق يصنع الفلك أو وأخذ يصنع الفلك وقيل : هو حكاية حال ماضية لاستحضار الصورة وجملة { وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه } في محل نصب على الحال : أي استهزأوا به لعمله السفينة قال الأخفش والكسائي : يقال : سخرت به ومنه وفي وجه سخريتهم منه قولان : أحدهما : أنهم كانوا يرونه يعمل السفينة فيقولون : يا نوح صرت بعد النبوة نجارا والثاني : أنهم لما شاهدوه يعمل السفينة وكانوا لا يعرفونها قبل ذلك قالوا : يا نوح ما تصنع ؟ قال : أمشي بها على الماء فعجبوا من قوله وسخروا به ثم أجاب عليهم بقوله : { إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون } وهذا الكلام مستأنف على تقدير سؤال كأنه قيل : فماذا قال لهم ؟ والمعنى : إن تسخروا منا بسبب عملنا للسفينة اليوم فإنا نسخر منكم غدا عند الغرق ومعنى السخرية هنا : الاستجهال أي إن تستجهلونا فإنا نستجهلكم كما تستجهلون واستجهاله لهم باعتبار إظهاره لهم ومشافهتهم وإلا فهم عنده جهال قبل هذا وبعده والتشبيه في قوله : { كما تسخرون } لمجرد التحقق والوقوع أو التجدد والتكرر والمعنى : إنا نسخر منكم سخرية متحققة واقعة كما تسخرون منا كذلك أو متجددة متكررة كما تسخرون منا كذلك وقيل معناه : نسخر منكم في المستقبل سخرية مثل سخريتكم إذا وقع عليكم الغرق وفيه نظر فإن حالهم إذ ذاك لا تناسبه السخرية إذ هم في شغل شاغل عنها