ثم أمره الله سبحانه أن يتبع ما أوحاه الله إليه من الأوامر والنواهي التي يشرعها الله له ولأمته ثم أمره بالصبر على أذى الكفار وما يلاقيه من مشاق التبليغ وما يعانيه من تلون أخلاق المشركين وتعجرفهم وجعل ذلك الصبر ممتدا إلى غاية هي قوله : { حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين } أي يحكم الله بينه وبينهم في الدنيا بالنصر له عليهم وفي الآخرة بعذابهم بالنار وهم يشاهدونه A هو وأمته المتبعون له المؤمنون به العاملون بما يأمرهم به المنتهون عما ينهاهم عنه يتقلبون في نعيم الجنة الذي لا ينفد ولا يمكن وصفه ولا يوقف على أدنى مزاياه .
وقد أخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله : { وما تغني الآيات والنذر عن قوم } يقول : عند قوم { لا يؤمنون } نسخت قوله : { حكمة بالغة فما تغن النذر } وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : { فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم } قال : وقائع الله في الذين خلوا من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع في الآية قال : خوفهم عذابه ونقمته وعقوبته ثم أخبرهم أنه إذا وقع من ذلك أمر نجى الله رسله والذين آمنوا فقال : { ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا } الآية وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله : { وإن يردك بخير } يقول : بعافية وأخرج البيهقي في الشعب عن عامر بن قيس قال : ثلاث آيات في كتاب الله اكتفيت بهن عن جميع الخلائق : أولهن : { وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله } والثانية : { ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له } والثالثة : { ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها } وأخرج أبو الشيخ عن الحسن نحوه وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله : { فلا راد لفضله } قال : هو الحق المذكور في قوله : { قد جاءكم الحق من ربكم } وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في قوله : { واصبر حتى يحكم الله } قال : هذا منسوخ أمره بجهادهم والغلظة عليهم