قوله : 58 - { وإما تخافن من قوم خيانة } أي غشا ونقضا للعهد من القوم المعاهدين { فانبذ إليهم } أي فاطرح إليهم العهد الذي بينك وبينهم { على سواء } على طريق مستوية والمعنى : أنه يخبرهم إخبارا ظاهرا مكشوفا بالنقض ولا يناجزهم الحرب بغتة وقيل معنى { على سواء } على وجه يستوي في العلم بالنقض أقصاهم وأدناهم أو تستوي أنت وهم فيه قال الكسائي : السواء العدل وقد يكون بمعنى الوسط ومنه قوله : { في سواء الجحيم } ومنه قول حسان : .
( يا ويح أنصار النبي ورهطه ... بعد المغيب في سواء الملحد ) .
ومن الأول قول الشاعر : .
( فاضرب وجوه الغدر الأعداء ... حتى يجيبوك إلى سواء ) .
وقيل معنى : { فانبذ إليهم على سواء } على جهر لا على سر والظاهر أن هذه الآية عامة في كل معاهد يخاف من وقوع النقض منه قال ابن عطية : والذي يظهر من ألفاظ القرآن أن أمر بني قريظة انقضى عند قوله : { فشرد بهم من خلفهم } ثم ابتدأ تبارك وتعالى في هذه الآية يأمره بما يصنعه في المستقبل مع من يخاف منه خيانة وجملة { إن الله لا يحب الخائنين } تعليل لما قبلها يحتمل أن تكون تحذيرا لرسول الله A عن المناجزة قبل أن ينبذ إليهم على سواء ويحتمل أن تكون عائدة إلى القوم الذين تخاف منهم الخيانة