ثم أمر رسول الله A بالشدة والغلظة عليهم فقال : { فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم } أي فإما تصادفنهم في ثقاف وتلقاهم في حالة تقدر عليهم فيها وتتمكن من غلبهم { فشرد بهم من خلفهم } أي ففرق بقتلهم والتنكيل بهم من خلفهم من المحاربين لك من أهل الشرك حتى يهابوا جانبك ويكفوا عن حربك مخافة أن ينزل بهم ما نزل بهؤلاء والثقاف في أصل اللغة : ما يشد به القناة أو نحوها ومنه قول النابغة : .
( تدعو قعيبا وقد غص الحديد بها ... غص الثقاف على ضم الأنابيب ) .
يقال : ثقفته : وجدته وفلان ثقف : سريع الوجود لما يحاوله والتشريد : التفريق مع الاضطراب وقال أبو عبيدة : { شرد بهم } سمع بهم وقال الزجاج : افعل بهم فعلا من القتل تفرق به من خلفهم يقال : شردت بني فلان : قلعتهم عن مواضعهم وطردتهم عنها حتى فارقوها قال الشاعر : .
( أطوف في الأباطح كل يوم ... مخافة أن يشردني حكيم ) .
ومنه شرد البعير : إذا فارق صاحبه وروي عن ابن مسعود أنه قرأ : ( فشرذ بهم ) بالذال المعجمة قال قطرب : التشريذ بالذال المعجمة هو التنكيل وبالمهملة هو التفريق وقال المهدي : الذال المعجمة لا وجه لها إلا أن تكون بدلا من الدال المهملة لتقاربهما قال : ولا يعرف فشرذ في اللغة وقرئ { من خلفهم } بكسر الميم والفاء