326 - ـ فصل : لا تيأس من روح الله .
يبين إيمان المؤمن عند الإبتلاء فهو يبالغ في الدعاء و لا يرى أثرا للإجابة و لا يتغير أمله و رجاؤه و لو قويت أسباب اليأس لعلمه أن الحق أعلم بالمصالح .
أو لأن المراد منه الصبر أو الإيمان فإنه لم يحكم عليه بذلك إلا و هو يريد من القلب التسليم لينظر كيف صبره أو يريد كثرة اللجأ و الدعاء .
فأما من يريد تعجيل الإجاية و يتذمر إن لم تتعجل فذاك ضعيف الإيمان يرى أن له حقا في الإجابة كأنه يتقاضى أجرة عمله .
أما سمعت قصة يعقوب عليه السلام : بقي ثمانين سنة في البلاء و رجاؤه لا يتغير فلما ضم إلى فقد يوسف بنيامين لم يتغير أمله و قال : [ عسى الله أن يأتيني بهم جميعا ] .
و قد كشف هذا المعنى قوله تعالى : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء و الضراء و زلزلوا حتى يقول الرسول و الذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب } .
و معلوم أن هذا لا يصدر من الرسول و المؤمنين إلا بعد طول البلاء و قرب اليأس من الفرج .
و من هذا قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل قيل له : و ما يستعجل ؟ قال : يقول : دعوت فلم يستجب لي ] .
فإياك إياك أن تستطيل زمان البلاء و تضجر من كثرة الدعاء فإنك مبتلى بالبلاء متعبد بالصبر و الدعاء و لا تيأس من روح الله و إن طال البلاء