164 - ـ فصل : و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم .
أعوذ با الله من صحبة البطالين لقد رأيت خلقا كثيرا يجرون معي فيما قد إعتاده الناس من كثرة الزيارة و يسمون ذلك الترددخدمة و يطلبون الجلوس و يجرون فيه أحاديث الناس و ما لا يعني و ما يتخلله غيبة .
و هذا شيء يفعله في زماننا كثير من الناس و ربما طلبه المزور و تشوق إليه و إستوحش من الوحدة و خصوصا في أيام التهاني و الأعياد فتراهم يمشي بعضهم إلى بعض و لا يقتصرون على الهناء و السلام بل يمزجون ذلك بما ذكرته من تضييع الزمان .
فلما رأيت أن الزمان أشرف شيء و الواجب إنتهاؤه بفعل الخير كرهت ذلك و بقيت مهم بين أمرين : .
إن أنكرت عليهم و قعت وحشة لموضع قطع المألوف و إن تقبلته منهم ضاع الزمان فصرت أدافع اللقاء جهدي فإذا غلب قصرت في الكلام لأتعجل الفراق ثم أعددت أعمالا تمنع من المحادثة لأوقات لقائهم لئلا يمضي الزمان فارغا فجعلت من المستعد للقائهم قطع الكاغد و بري القلام و حزم الدفاتر فإن هذه الأشياء لا بد منها و لا تحتاج إلى فكر و حضور قلب فأرصدتها لأوقات زيارتهم يضيع شيء من و قتي .
نسأل الله D أن يعرفنا أوقات العمر و ان يوفقنا لإغتنامه .
و لقد شاهدت خلقا كثيرا لا يعرفون معنى الحياة فمنهم من أغناه الله عن التكسب بكثرة ماله فهو يقعد في السوق أكثر النهار ينظر إلى الناس و كم تمر به من آفة و منكر .
و منهم من يخلو بلعب الشطرنج و منهم من يقطع الزمان بكثرة الحوادث من السلاطين و الغلاء و الرخص إلى غير ذلك .
فعلمت أن الله تعالى لم يطلع على شرف العمر و معرفة قدر أوقات العافية إلا من و فقه و ألهمه إغتنام ذلك { و ما يلقاها إلا ذو حظ عظيم }